كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 12)

فالجواب:
أن هذه الخدمات لا شك أنها خدمات مباحة، فلو قدمت هذه الخدمات بشكل منفرد أو مع خدمات أخرى لجازت المتاجرة بها، وطلب الربح من وراء تقديمها، أما إذا اجتمعت مع الضمان فإنه لا يجوز أخذ العوض عليها حتى تفصل عن الضمان: حتى لا يؤدي ذلك إلى أخذ العوض على الضمان بالاختباء وراء ستار هذه الخدمات، فتؤدي إلى قرض جر نفعاً.
فالراجح في العقود المشتركة منع الجمع بين كل عقدين يترتب على الجمع بينهما محظور شرعي، وإن كان كل واحد منهما جائزاً بمفرده، فليس كل عقد جاز منفردًا جاز مضمومًا إلى غيره، فهذا عقد القرض جائز بالإجماع، وعقد البيع جائز بالإجماع، وإذا باعه بشرط أن يقرضه حرم ذلك بالإجماع.
فإذا كان أخذ العوض على ضمان الدين محرمًا فإن أخذ العوض على تلك الخدمات حينئذ يكون محرمًا خشية أن يؤدي ذلك إلى أخذ العوض على الضمان بعقد مستتر باسم الأجرة على تقديم تلك الخدمات، وفي نفس الوقت لا نمانع من أخذ التكاليف الفعلية التي أنفقها الضامن دون أن يربح فيها، فهذا هو مقتضى العدل.
جاء في الشرح الكبير: "فمن اقترض إردبًا مثلًا فأجرة كيله على المقترض، وإذا رده فأجرة كيله عليه بلا نزاع" (¬١).
وعلق على ذلك الدسوقي في حاشيته: "قوله: (فأجرة كيله على المقترض) أي لا على المقرض؛ لأنه فعل معروفًا، وفاعل المعروف لا يغرم" (¬٢).
---------------
(¬١) الشرح الكبير (٣/ ١٤٥).
(¬٢) حاشية الدسوقي (٣/ ١٤٥).

الصفحة 602