كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 12)

الكتب لملوك الأرض يدعوهم إلى الله ويشرح لهم الإسلام ولم ينس قريشًا إذ بادرها بالحديبية، وفتح مكة، ودخل الناس في دين الله أفواجًا.
وفي فترة وجيزة من الزمن تغيرت الحياة في الجزيرة .. وبدأ العد التنازلي للأمم المسيطرة حينها .. ولم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أرسل سرية (مؤتة) إلى أرض الروم .. وبلغت دعوته كسرى وقيصر والنجاشي والمقوقس وهرقل .. ومن يدين بدينهم أو نتبع لسلطانهم مهم كان صحابته رضوان الله عليهم من بعده (مسارعين ومبادرين) وكانت حركة الفتح الإسلامي وأعداد الداخلين في الإسلام شاهدًا حيًا على هذه المبادرة.
وهكذا استمر المسلمون بعدهم يدعون ويعلمون ويسيرون الجيوش حتى بلغ الإسلام شأنًا بعيدًا، ودخل العرب والعجم في دين الله أفواجًا.
إن المتأمل في مبادرات المسلمين يرى أنها لم تكن قصرًا على القادة بل شملت القاعدة، ولم تكن خاصة بالكبار بل شارك فيها الشباب، ولم يتخل الضعفاء المعزورون بل شاركوا الأقوياء .. وكان للمرأة نصيبها من المبادرة ولم تكن قصرًا على الرجال، وإن مجتمعًا يشارك جميع أفراده بالمبادرات الخيرة لمجتمع خليق بالتقدير والبقاء .. ودونكم هذه النماذج للمبادرات.
أ- فأبو بكر (صديق الأمة) وصاحب المبادرات في كل ميدان في الصدقة والجهاد، والصوم والصلاة، وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام، وباب الريان، فقال أبو بكر: ما على هذا الذي يدعى من تلك

الصفحة 256