كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 12)

مع بقاء «خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا».
واختلط العربي بالفارسي والرومي بالحبشي وتعايش الأسود مع الأبيض واختلط الغني بالفقير، وقدموا للإنسانية جمعاء نموذجًا تعجز كبرى الحضارات السالفة واللاحقة عن تحقيقه، وتقف أكبر القوى البوليسية والنازية والقمعية عن تطويق؟
وصنعه الإسلام العظيم، وأشاد به القرآن الكريم وإنما المؤمنون أخوة، والمتتبع لأحداث السيرة النبوية يرى هذه العالمية في نقل رسالة الإسلام هدفًا للنبي المختار عليه الصلاة والسلام، وهاجًا لأتباعه المؤمنين من بعده ..
أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد حرص على هداية قومه ودعوتهم حتى آخر لحظة، وكتب الله لبعضهم الهداية والرشد، ومات على الضلالة والكفر من أراد الله الشقوة والنكد، وربك أعلم وأحكم ولا يظلم أحدًا.
وحين حيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا وحلفاءها بمعاهدة (الحديبية) وأدب اليهود المناوئين في (خيبر) وكسر شوكتهم، توجه بعد ذلك بخطة راشدة وتخطيط سليم للدعوة العالمية مخاطبًا الرؤساء والملوك والأمراء، وبعث رسله، وكتب رسائله يبشر بالإسلام ويدعو للدين الحق، ويقول للسادة والكبراء (أسلموا تسلموا) ومهما كان نوع استجابة هؤلاء المدعوين، فقد حصل البلاغ، وأوحي لهؤلاء المدعوين بأن قوة في الأفق تلوح، وأن دينًا في الكون جديد يبشر بالخير، ويدعوا للحق، وأن جيلًا صالحًا ينشر العدل ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قد ظهر.
ولم يمت محمد صلى الله عليه وسلم إلا وقد دانت العرب بالإسلام واستجابت أطراف الجزيرة لنداء الإسلام، ووصلت خيل المسلمين إلى مملكة الروم ثم أتم الصحابة الأخيار ما بدأه حبيبهم وقدوتهم، فكانت حركة الفتح الإسلامي إيذانًا

الصفحة 266