كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 12)

تخل بثوابت الأصالة، فبست من تجارب الآخرين، وراعت خصوصية بلاد الحرمين، اجتهدت في جمع القيم التربوية والمهارات المتعددة، ولم تتجاوز نصوص الوحيين، شرقت وغربت في فنون الحضارات، وطافت في ميادين التجارب الأممية فأفادت منها دون أن تتأثر بسلبياتها، نظرت إلى التاريخ الماضي والمعاصر نظرة متزنة فعظمت ما يستحق التعظيم وانتقدت ما دون ذلك من سقط الحضارات وزبالات الفكر.
وحين استوت هذه التجربة على سوقها كانت أهلًا لئن تصد خارج الحدود فكانت (مناهجنا) التعليمية يطاف بها بكل فخر واعتزاز في المعاهد والجامعات في العالم الإسلامي ويقتبس من نورها، بل تجاوزت هذه المناهج إلى حمل (المقررات) لتكون بين أيدي الدارسين حتى في العالم الغربي، وكانت المعاهد العربية والإسلامية، والأكاديميات- في بلاد الغرب- برهانًا على صحة مقرراتنا، وأصالة مناهجنا التعليمية، وقدرتها على المعايشة والتربية للدارسين هنا وهناك.
إخوة الإسلام الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، والعلم رحم بين أهله لا تحده الحدود ولا تمنعه السدود، وفي ديننا متسع للاستفادة من تجارب الأمم والدول، ولم يترد النبي صلى الله عليه وسلم في حفر (الخندق) وفكرته (فارسية) ولم يتردد الفاروق عمر رضي الله عنه (تدوين الدواوين) وهي لم تكن من عادة العرب، بل من حضارة (الفرس) كل ذلك بما لا يمس ثابتًا من الدين أو ينحاز إلى فئة على حساب الهوية والقيم.
ذلك كله يعني أننا لا نتحسس من الاستفادة من علوم الآخرين ومعارفهم، إنما تكمن الحساسية في التأثر والتأثير، والهزيمة الفكرية والاختراق القيمي .. ومن هنا فإن التحدي يكمن في الاستفادة من معارف الآخرين بعد بلورتها وأخذ

الصفحة 298