كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 12)

يحتمل ما كان مني في ذلك فليفعل. قال: قد فعلتُ (¬1).
وقال البلاذري: قدم عبد الله على السفاح [فأخذ بيده] (¬2) وهو يمرُّ به على قصوره بالهاشمية يُريه إيَّاها، وكان معجبًا بها، فأنشد عبد الله البيتين، فغضب السفاح، واحمَّرت عيناه، وجذب يدَه من يده، وقال: ما أردتَ بهذا؟ فقال: ازَهدُك فيها، فقال السفاح: [من الوافر]
أريدُ حياتَه ويريدُ قتلي ... عذيرَكَ من خليلكَ من مراد (¬3)
وكان الحسدُ غالبًا على عبد الله للسفَّاح، ولا ينهاه عن ذلك إكرامُه له، ولما أنشد الشعر قال له السفاح: أفٍّ لك، ما يُهلك الحسودَ نفسُه ولسانُه، اخرج عنِّي. فخرج إلى المدينة.
وقال الزُّبير بن بكَّار: كتب [أميرُ المؤمنين أبو العباس] إلى عبد الله بن حسن يذكر له تغيب (¬4) ابنيه محمد وإبراهيم، وكتب في كتابه: أريد حياته ويريد قتلي، فكتب عبد الله بنُ حسن، وقال: [من الوافر]
وكيف يريدُ ذاك وأنتَ منه ... بمنزلةِ البياض من السَّواد
ويعني قول عبد الله: قصورًا نفعُها لبني نُفيله: نفيلة أمّ ولد الحسن بن علي (¬5) -رضي الله عنهما-، جاءت منه بالقاسم، وأبي بكر، وعبد الله، قُتِلوا مع الحسين - رضي الله عنه - يوم الطَّفوف.
قال أبو اليقظان: قدم على السفَّاح بنو الحسن بن علي، فأحسن إليهم، وأعطاهم الأموال، وأقطَعَهم القطائع، وقال لعبد الله: احتكِمْ. قال: ألف ألف درهم، فاستقرَضَها السفاح من ابن مقرن البصري (¬6).
¬__________
(¬1) طبقات ابن سعد 7/ 475 - 476، وتاريخ دمشق 33/ 195.
(¬2) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق.
(¬3) البيت لعمرو بن معدي كرب، وهو في ديوانه ص 111. وفي (أ) و (خ): عذرتك، والمثبت من الديوان. والسياق الذي ذكره المصنف لم نقف على من وافقه عليه، وقد أورد ابن عساكر الخبر في تاريخ دمشق 33/ 164 - 165 بما يوافق ما سيذكره المصنف نقلًا عن الزبير بن بكار، وانظر أنساب الأشراف 2/ 410.
(¬4) في (د) و (خ): بغيبة، والمثبت من تاريخ دمشق 33/ 164، وما بين حاصرتين منه كذلك.
(¬5) في (د) و (خ) والمنتظم 8/ 92: الحسين بن علي، وهو تحريف. انظر نسب قريش ص 50، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 39.
(¬6) في العقد الفريد -والخبر فيه- 3/ 74: الصيرفي.

الصفحة 48