كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 12)
وقال ابن الكلبي: استشار أبو جعفر عيسى بن موسى، فقال: ما تقولُ في قتله؟ فقال عيسى: [من الطويل]
إذا كنتَ ذا رأيٍ فكن ذا رويَّةٍ ... فإنَّ فسادَ الرأي أن تتعجَّلا
فقال له المنصور:
وما الرأيُ (¬1) إلَّا أن تؤامرَ عاجزًا ... وما الحزمُ إلَّا أن تَهُمَّ فتفعلا
وأنشد المنصور لنفسه:
إذا كنتَ ذا رأيٍ فكن ذا عزيمةٍ ... فإنَّ فسادَ الأمر أن يترددَا
ولا تهملِ الأعداءَ يومًا بقدرةٍ ... وبادِهِمُ (¬2) أن يَملكوا مثلهَا غدًا
ثم استشار سَلْم بن قتيبة فيه، فقال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} فقال: حسبك، [لقد] أودعتها أذنًا واعية (¬3).
ثم رتَّبَ له جماعةً منهم عثمان بن نهيك، وشبيب بن واج (¬4) صاحب المربعة، وأبو حنيفة صاحب الدرب ببغداد، ثمَّ استدعاه مع أبي نصر حاجبِه، فلمَّا قرب من الباب أُنزِل وأُخذَ سيفُه في الدهليز، فقال: الآن عرَف الرامي موضع سهمه، فضُرِبَ مثلًا لمن يمكن عدوه من نفسه (¬5).
قال البلاذري: فلمَّا دخل ثنى له وسادة، فجلس عليها، وكان قد أوصَى الجماعةَ: إذا صفَّقت فأخرجوا فاقتلوه، فلمَّا استقرَّ به المجلسُ شرعَ يعاتبُه، فقال: أخبرني عن كتابك إلى أمير المؤمنين أخي تنهاه عن الموات من الأرض، أردتَ أن تعلِّمنا الدين؟ قال: ظننتُ أنَّه لا يحل لي، فلمَّا أمرني بأخذه أخذتُ بقوله.
¬__________
(¬1) كذا في (خ) و (د). وهو خطأ، والصواب: وما العجز. انظر البيت في أنساب الأشراف 3/ 236، والكامل في الأدب 1/ 268 دون نسبة.
(¬2) في المنتظم 8/ 10: وبادرهم، والخبر فيه بنحوه مختصر.
(¬3) انظر مروج الذهب 6/ 175، وما سلف بين حاصرتين من (د).
(¬4) تحرفت في (خ) و (د) إلى: عمار بن نهيك ومنذر بن رواحة! والتصويب من أنساب الأشراف 3/ 236، وانظر تاريخ الطبري 7/ 488.
(¬5) انظر المنتظم 8/ 11.