كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 12)

فأطال السجود وأنا أراه، حتى ظننت أن الله توفاه، وفيه: فقال: "لما رأيتني دخلت النخل لقيت جبريل فقال: أيسرك أن الله يقول: من سلم عليك سلمت عليه ... " الحديث.
(ثم) رفع رأسه أي: وسلم ثم (قام فرفع يديه) أي: للدعاء (ساعة) فيه الدعاء قائمًا وفضيلته إلا أن يحمل القيام هنا على رفع رأسه من السجود (ثم خر) ثانيًا (ساجدًا) لله تعالى.
(ذكره أحمد) بن صالح، وقال: يعني أنه فعل ذلك (ثلاثًا، وقال: إني سألت ربي -عَزَّ وَجَلَّ- وشفعت) بفتح الفاء إلى ربي (لأمتي) ظاهره حصول الشفاعة منه لكن يعارضه رواية الصحيحين (¬1): "لكل نبي دعوة مستجابة، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة". [والله أعلم] (¬2) وكلا الحديثين يدلان على كمال (¬3) شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته، ورأفته بهم، واعتنائه بالنظر في مصالحهم المهمة.
(فأعطاني ثلث أمتي) أن يدخلهم الجنة كما في حديث أبي سعيد في البخاري (¬4): "والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة" (فخررت ساجدًا لربي -عَزَّ وَجَلَّ- شكرًا) نصب على المصدرية. أي: خررت أشكر الله شكرًا. وفيه قول آخر أنه نصب لأنه مفعول له. وفيه دليل على سجود الشكر عند تجدد النعمة، ولما استجاب الله دعوته في أمته
¬__________
(¬1) البخاري (6304)، ومسلم (198).
(¬2) ساقط من (ر).
(¬3) ساقط من (ر).
(¬4) "صحيح البخاري" (3348).

الصفحة 101