فوالذي كرم وجه محمد لتبعتهم على رجلي حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا غبارهم شيئًا، حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له: ذو قرد ليشربوا منه وهم عطاش. قال: فنظروا [إليّ] (¬1) أعدو وراءهم فحليتهم عنه، فما ذاقوا منه قطرة (¬2).
(ثم جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الماء الذي حَلّيتهم) بفتح الحاء المهملة واللام المشددة بلا همز (عنه) أي: طردتهم عنه، وقد فسره مسلم في الحديث بقوله: يعني: أجليتهم عنه بالجيم.
قال القاضي: وروايتنا فيه هنا بغير همز، وأصله الهمز فسهله (¬3).
والرواية المشهورة التي وقع: جليتهم. بالجيم والياء آخر الحروف. قال المنذري: جلا عن الوطن يجلو جلاءً، وأجلى يجلي إجلاء إذا خرج مفارقًا، والرواية الأخرى: حلأتهم بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام مهموز. أي: طردتهم، وأصله الهمز فسهله هنا، والذي وقع جليتهم بالجيم والياء آخر الحروف فيه نظر. يقال له (¬4) (ذو قَرَد) بفتح القاف، المشهور فتح القاف والراء، وقد قيل فيه بضمها: ماء على نحو يوم من المدينة، كما تقدم، والقَرَد في اللغة هو: الصوف الرديء. قاله السهيلي (¬5).
¬__________
(¬1) ليست في (ل) , (ر) والسياق يقتضيها.
(¬2) وهذا من رواية مسلم.
(¬3) "إكمال المعلم" 6/ 199.
(¬4) زيادة من (ل).
(¬5) "الروض الأنف" 4/ 3.