وجوب استتابته كما قال مالك (¬1)، والشافعي (¬2)، وأحمد في إحدى الروايتين (¬3).
وقال أبو حنيفة: لا يجب استتابة المرتد عن الإسلام، ويقتل في الحال إلا أن يطلب أن يؤجل فيؤجل ثلاثًا، وهذا لم يطلب التأجيل (¬4). قال الخطابي: ومعلوم أن هؤلاء أسروا بالكفر، ولم يمكنهم إظهاره بالكوفة في مسجدهم وهي دار الإسلام فرفع أمرهم إلى ابن مسعود فاستتاب قومًا منهم، بخلاف ابن (¬5) النواحة فإنه كان داعية إلى مذهب مسيلمة الكذاب، فلم يعرض عليه التوبة ورأى الصلاح في قتله، وإلى نحو هذا ذهب أكثر العلماء في أمر هؤلاء القرامطة الذين يلقبون بالباطنية (¬6) (بالسوق) ليظهر أمره ويشهر أمره بين المسلمين؛ فإنه قد استحق إراقة دمه.
(ثم قال: من أراد أن ينظر إلى) عباد (بن النواحة قتيلاً) أي مقتولًا (بالسوق) فيه حذف جواب الشرط أي: فلينظر إليه. وفيه إشهار قتل من تعين قتله بالأسواق والطرق المسلوكة كثيرًا ونحوها؛ ليظهر أمره ويرتدع برؤيته أمثاله وينزجروا عن فسادهم.
¬__________
(¬1) "مختصر المزني" 8/ 304، وانظر: "الحاوي" 13/ 158، "نهاية المطلب" 17/ 164.
(¬2) انظر: "البيان والتحصيل" 16/ 392، "الذخيرة" 12/ 15.
(¬3) "مسائل أحمد" برواية ابنه صالح (1191)، وانظر: "الكافي" 5/ 321.
(¬4) انظر "النتف" 2/ 689، و"المبسوط" 10/ 99.
(¬5) ساقطة من (ر).
(¬6) "معالم السنن" 2/ 276.