كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 12)

هي قريظة والنضير (¬1) {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}) (¬2) وقوله تعالى: (و {لِلْفُقَرَاءِ}) هذا بيان للمساكين الذين لهم حق المهاجرين من مكة إلى المدينة {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ}) (¬3) يعني: أن كفار أهل مكة أخرجوهم من مكة، وقوله تعالى: ({وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ}) يعني المدينة دار الهجرة بوأها (¬4) الأنصار قبل المهاجرين ({وَالْإِيمَانَ}) عطف الإيمان على الدار في الظاهر لا في المعنى؛ لأن الإيمان ليس بمكان تبوأ، والتقدير: وآثروا الإيمان أو اعتقدوا الإيمان ({مِنْ قَبْلِهِمْ}) (¬5) من قبل الأنصار. وقوله تعالى: ({وَالَّذِينَ جَاءُوا}) أي: والتابعين الذين يجيئون ({مِنْ بَعْدِهِمْ})) (¬6) إلى يوم القيامة أي: من بعد المهاجرين والأنصار (فاستوعبت هذِه الآية) يعني: الذين جاؤوا من بعدهم جميع (الناس) يعني: كل من يجيء من بعدهم من المؤمنين، ففهم عمر -رضي الله عنه-، وناهيك من لفظة الذين عموم كل من يأتي من بعد المهاجرين والأنصار، وفي هذا دلالة على ما قاله جمهور الأصوليين: أن اللفظة الواحدة تدل على عموم المعاني حقيقة، خلافًا لمن منع عموم صيغ الألفاظ المفردة، وعزي للأشعري (¬7) (فلم يبق أحدٌ من المسلمين إلا وله فيها حق) وظاهر كلام عمر في هذا يدل على أن لجميع المسلمين في
¬__________
(¬1) "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 18/ 12.
(¬2) الحشر: 7.
(¬3) الحشر: 8.
(¬4) في (ع) يتولاها وفي (ل) يتبوأها. والمثبت من (ر).
(¬5) الحشر: 9.
(¬6) الحشر: 10.
(¬7) انظر: قواطع الأدلة للسمعاني 1/ 279، "البحر المحيط" 1/ 505.

الصفحة 616