قال عياض: تأول قومٌ طلب فاطمة ميراثها من أبيها على أنها تأولت الحديث إن كان بلغها قوله: "لا نورث" على الأموال التي لها بال فهي التي لا تورث لا ما يتركون من طعام وأثاث وسلاح، وهذا التأويل خلاف ما ذهب إليه أبو بكر وعمر وسائر الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -، ويحتمل أن تكون جوزت السهو والغلط على أبي بكر وعظم عليها ترك العمل بالقاعدة الكلية المقررة في الميراث المنصوصة في القرآن (¬1).
قالت عائشة -رضي الله عنها- (فقال أبو بكر -رضي الله عنه- إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نورث ما تركنا صدقة) فيه ما تقدم.
قال العلماء: والحكمة في أن (¬2) الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أنهم (¬3) لا يورثون لا يؤمن أن يكون في الورثة من يتمنى موته فيهلك، ولئلا يظن بهم الرغبة في الدنيا لوراثهم فيهلك الظان وينفر الناس عنهم (¬4).
(إنما يأكل آل محمد) يعني هنا بآل محمد نساءه كما في الحديث الآخر: "ما تركت بعد نفقة نسائي" (¬5) (من هذا المال وإني والله لا أغير شيئًا من صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بل أجراها على حالها التي كانت عليه وهي أن تصرف
¬__________
(¬1) "إكمال المعلم" 6/ 80.
(¬2) هذِه زيادة أثبتها من "شرح مسلم" للنووي فهذا النقل منه 12/ 74.
(¬3) هكذا في الأصول والأولى حذفها ولا وجود لها في "شرح مسلم" للنووي.
(¬4) "شرح مسلم" للنووي 12/ 74.
(¬5) رواه البخاري (2776) ومسلم (1760).