كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 12)

والعبادة والصدق (¬1) (عن معمر عن الزهري في قوله)، (¬2): {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} تقدم.
(قال) الزهري: (صالح النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل فدك) وهي على ثلاثة أميال من المدينة [كما تقدم] (¬3)، وكان قد صالح أهلها على نصف أرضها (و) صالح أهل (قرًى) منون أخر غيرها، فيه جواز صلح الإمام مع الكفار، وكان (قد سماها) من حدثه عنها: أسماءها و (لا أحفظها) الآن (وهو محاصر قومًا آخرين) يعني: أهل خيبر، فخافوه وصالحوه (فأرسلوا إليه بالصلح) على أن يحقن دماءهم ويحلوا له الأموال، فصالحهم على ذلك (فقال) الزهري: فذلك قوله تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} أي: أفاء الله على رسوله من غير أن يوجفوا بخيل ولا ركاب (¬4).
(قال الزهري: يقول) الله في ذلك: يعني حصل هذا الفيء (بغير قتال) منهم، ولا قطعوا في تحصيله مسافة (وكانت بنو النضير للنبي - صلى الله عليه وسلم - خالصةٌ) أي: خاصة به دونهم يفعل فيها ما يشاء (ولم يفتحوها عنوة) بفتح العين أي: قهرًا وغلبة، وهو من عنا يعنو إذا ذل وخضع، والعنوة المرة منه كان المأخوذ بها يخضع ويذل للآخذ، ومنه العاني الأسير كقوله -عليه السلام-: "فكوا العاني". بل (افتتحوها على صُلح) ولكن الصلح أنتقض للنكث الذي نكثوه
¬__________
(¬1) "الجرح والتعديل" 7/ 217، "الكاشف" (3760).
(¬2) سقط من (ر).
(¬3) سقط من (ر).
(¬4) راجع "فتح الباري" 16/ 129 و 130).

الصفحة 628