كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 12)

قال النووي: وهذا الفعل الذي (¬1) جرى من حمزة من شربه وقطع أسنمة الناقتين وبقر خواصرهما وأكل لحمهما لا إثم عليه في شيء من ذلك، أما أصل الشرب والسكر فكان مباحًا؛ لأنه قبل تحريم الخمر، وأما من يقوله من بعض من لا تحصيل له أن السكر لم يزل محرمًا فباطل لا أصل له وأما ما في الأمور فجرت منه في حال عدم التكليف فلا إثم فيها كمن شرب دواءً لحاجة فزال به عقله، أو شرب شيئًا يظنه خلًّا فكان خمرًا، أو أكره على شرب الخمر فشربها وسكر فهو في حال السكر غير مكلف ولا إثم عليه فيما يقع منه في ذلك الحال بلا خلاف، وأما غرامة ما أتلفه فتجب في ماله فلعل عليًّا أبرأه من ذلك بعد معرفته بقيمة ما أتلفه، أو أنه أداه إليه حمزة بعد ذلك، أو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أداه عنه (¬2) لحرمته عنده وكمال حقه عليه ومحبته إياه.
وقد أجمع العلماء على أن ما أتلفه السكران من الأموال يلزمه ضمانه كالمجنون، فإن الضمان لا يشترط فيه التكليف، ولهذا أوجب الله تعالى في قتل الخطأ الدية والكفارة، وأما هذا السنام المقطوع فإن لم يكن تقدم نحرهما فهو حرام بإجماع المسلمين؛ لأن ما أبين من حي فهو ميت، ويحتمل أنه ذكاهما، ويدل عليه الشعر وإن كان ذكاهما فلحمها حلال باتفاق العلماء إلا ما حكي عن عكرمة وإسحاق وداود: لا يحل ما ذبحه سارق أو غاصب أو متعد، والصواب الذي عليه الجمهور حله وإن لم يكن ذكاهما وثبت أنه أكل منهما فهو أكل في حالة السكر
¬__________
(¬1) سقطت من الأصل وأثبتها من "شرح مسلم" للنووي 13/ 144 لحاجة السياق إليها.
(¬2) في (ر): ثمنه.

الصفحة 676