كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 12)

إسحاق (¬1) قال: كنت مع عليّ فلقينا أبو هريرة، فقال: أرني أقبل منك حيث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل فقال بقميصه فقبل سرته.
(ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة -رضي الله عنه-: وهل أنتم إلا عبيد لأبي) وللبخاري: لآبائي. فيه جواز إطلاق الكلام على التشبيه كما قال: هل أنتم إلا عبيد أبي؛ أي: كالعبيد، فحذف منه حرف التشبيه، وفيه إشارة إلى شرف أبيه عبد المطلب، وأن عبد الله وأبا طالب كانا كأنهما عبدان لعبد المطلب في الخضوع لحرمته وجواز تصرفه في مالهما، وأن الكلام يختلف باختلاف المتكلمين فيصدر الكلمة التي يخاطب بها في الاستحقاق على سبيل الإدلال.
(فعرف) بفتح الراء (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه) قد (ثمل) بكسر الميم، فيه أنه لما لامه لم يكن يعرف أنه أخذ منه السكر، [ثم عرف] (¬2) فلما عرف لم يلمه بعد ذلك ولا أنكر عليه ولا عنفه.
قال القرطبي: لا في حال سكره ولا بعد ذلك، فكان ذلك على إباحة ما يسكر عندهم؛ قال: وهذا خلاف ما قاله الأصوليون وحكوه: أن السكر حرام في كل شريعة قطعًا؛ لأن الشرائع لمصالح العباد لا لمفاسدهم، وأصل المصالح العقل كما أن أصل المفاسد ذهابه، فيجب المنع من كل ما يذهبه أو يشوش فيه، وما ذكروه واضح، ويمكن أن ينفصل عن حديث حمزة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الإنكار عليه في حال سكره لكونه لا يعقل وعلى إثر ذلك نزل تحريم الخمر، وأن
¬__________
(¬1) قال ابن حجر: مقبول. "التقريب" (5179).
(¬2) سقط من (ر).

الصفحة 681