كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 12)

بكلاليب الحديد، وصار يقاتلهم من النقب فوق السبعين يوما وهو فى ضوء الشموع بحيث إنه لا ينظر شمسا ولا قمرا ولا يعرف الليل من النهار، وقاسى شدائد ومحنّا، ودام ذلك عليه إلى أن بلغ تمان تمر المذكور فرار منطاش من دمشق فضعف أمره، فثار عليه أهل بانقوسا ونهبوه، فحضر حاجب حجّاب حلب إلى الأمير كمشبغا وأعلمه بذلك، فعمّر كمشبغا الجسر فى يوم واحد، ونزل وقاتل أهل بانقوسا يومين، وقد أقاموا عليهم رجلا يعرف بأحمد بن «1» الحرامىّ؟ فلمّا كان اليوم الثالث وقت العصر انكسر أحمد بن الحرامىّ المذكور وقبض كمشبغا عليه وعلى أخيه وعلى نحو الثمانمائة من الأتراك والأمراء والبانقوسية، فوسّطهم كمشبغا بأجمعهم وضرب بانقوسا حتى صارت دكّا، ونهب جميع ما فيها. ثمّ إن الكتاب يتضمّن أيضا أن كمشبغا بالغ فى تحصين قلعة حلب وعمارتها وأعدّ بها مؤونة عشر سنين، وأنه جمع من أهل حلب مبلغ ألف درهم، وعمّر سور مدينة حلب وكان منذ خرّبه هولاكو خرابا، فجاء فى غاية الحسن، وعمل له بابين وفرغه فى نحو الشهرين ونصف، وكان أكثر أهل حلب يعمل فيه وأن الأمير شهاب الدين أحمد بن المهمندار والأمير طغجى «2» نائب دوركى «3» كان لهما قيام تام مع الأمير كمشبغا فى هذه الوقعة. انتهى.
قلت: يقال: إنه قتل فى واقعة كمشبغا مع الحلبيين بحلب نحو العشرين ألفا من الفريقين. ثم أشبع بالقاهرة أن الأمير بطا الطولوتمرى الدوادار يريد إثارة فتنة، فتحرّز الأمراء واعتدّوا للحرب إلى أن كان يوم الاثنين عشرينه جلس السلطان بدار العدل «4» على العادة، ثم توجّه إلى القصر ومعه الأمراء فتقدّم الأمير

الصفحة 13