كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 12)

ودخل شهر رمضان وانقضى، ولم يحضروا الهناء بالعيد، ولا صلّوا صلاة العيد مع السلطان.
واستهلّ شوّال فقويت فيه القالة بين الأمراء، وأرجف بوقوع الحرب غير مرّة.
فلما كان يوم الجمعة ثانى شوّال ركب الأمراء للحرب بالسلاح، ونزل الملك الناصر إلى الإسطبل السلطانىّ عند سودون طاز الأمير أخور، وركب الأمير نوروز وجكم وخصمهما سودون طاز، ووقع الحرب بينهم من بكرة النهار إلى العصر.
فلما كان آخر النّهار بعث السلطان بالخليفة المتوكّل على الله والقضاة الأربعة إلى الأمير نوروز فى طلب الصّلح، فلم يجد نوروز بدّا من الصلح وترك القتال، وخلع عنه آلة الحرب، فكف الأمير جكم أيضا عن الحرب «1» ، وكان ذلك مكيدة من سودون طاز، فإنه خاف أن يغلب ويسلمه السلطان إلى أخصامه، فتمّت مكيدته بعد ما كاد أن يؤخذ، لقوّة نوروز وجكم بمن معهما من الأمراء والخاصكيّة، وسكنت الفتنة، وبات الناس فى أمن وسكون.
فلما كان يوم السبت ركب الخليفة والقضاة، وحلّفوا الأمراء بالسمع والطاعة للسلطان، فطلع الأمير نوروز إلى الحدمة فى يوم الاثنين خامس شوّال، وخلع عليه السلطان، وأركبه فرسا بسرج ذهب وكنبوش زركش.
ثم طلع الأمير جكم فى ثامنه وهو خائف ولم يطلع قانى باى ولا قرقماس، وطلبا فلم يوجدا فجهز إليهما خلعتان، على أن يكون قانى باى نائبا بحماه، وقرقماس حاجبا بدمشق، ونزل جكم بغير خلعة فكاد أن يهلك لكونه لم يخلع عليه.

الصفحة 284