أجسادهم، ولا تضربنَّ لغضبك سوطًا واحدًا فتَعَدّى فتكون من العادين (¬١). (٩/ ١٠٤)
٤١٩٥١ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الآية، قال: ليس من خُلُقٍ حسن كان أهل الجاهلية يعملون به ويُعَظِّمونه ويخشونه إلا أمَر الله به، وليس من خُلُقٍ سيِّءٍ كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقَدَّم فيه، وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومَذامِّها (¬٢). (٩/ ١٠٤)
٤١٩٥٣ - وقتادة بن دعامة: نزلت في حِلف أهل الجاهلية (¬٣). (ز)
٤١٩٥٤ - عن مَزِيدة بن جابر -من طريق ابن أبي ليلى- في قوله: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم}، قال: أُنزلت هذه الآية في بيعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان من أسلم بايع على الإسلام، فقال: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} ... (¬٤) [٣٧٣٤]. (٩/ ١٠٥)
---------------
[٣٧٣٤] اختُلِف فيمن عُنِيَ بهذه الآية، وفيم أُنزِلَت، على قولين: الأول: أنه عُنِيَ بها: الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام، وفيهم أنزلت. والثاني: أنها نزلت في الحلف الذي كان أهل الشرك؛ تحالفوا في الجاهلية، فأمرهم الله - عز وجل - في الإسلام أن يوفوا به ولا ينقضوه.
وعلَّق ابنُ عطية (٥/ ٤٠٢) على القول الثاني بقوله: «كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا حِلْفَ في الإسلام، وما كان من حِلْفٍ في الجاهلية فلم يزِده الإسلام إلا شدة»».
ورجَّح ابنُ جرير (١٤/ ٣٤٠ - ٣٤١) العموم في الآية، فقال: «الصواب من القول في ذلك أن يُقال: إن الله تعالى أمر في هذه الآية عباده بالوفاء بعهوده التي يجعلونها على أنفسهم، ونهاهم عن نقض الأيمان بعد توكيدها على أنفسهم لآخرين بعقود تكون بينهم بحق مما لا يكرهه الله. وجائز أن تكون نزلت في الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنهيهم عن نقض بيعتهم حذرًا من قلة عدد المسلمين وكثرة عدد المشركين، وأن تكون نزلت في الذين أرادوا الانتقال بحلفهم عن حلفائهم لقلة عددهم في آخرين لكثرة عددهم. وجائز أن تكون في غير ذلك. ولا خبر تثبت به الحجة أنها نزلت في شيء من ذلك دون شيء، ولا دلالة في كتاب، ولا حجة عقل أيّ ذلك عني بها، ولا قولَ في ذلك أولى بالحق مما قلنا؛ لدلالة ظاهرِه عليه، وأن الآية كانت قد تنزل لسبب من الأسباب، ويكون الحكم بها عامًّا في كل ما كان بمعنى السبب الذي نزلت فيه».
وبنحوه رجح ابنُ عطية (٥/ ٤٠٢).
_________
(¬١) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(¬٢) أخرجه ابن جرير ١٤/ ٣٣٧ - ٣٣٨. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
ومن الآثار المنكرة في تفسير الآية ما أخرجه العقيلي في كتاب الضعفاء ٥/ ٤٧٢ - ٤٧٣ (١٩٣٢) عن عبد الأعلى بن أبي المساور قال: سمعت المغيرة بن سعيد الكذاب، يقول: {إن الله يأمر بالعدل}: علي بن أبي طالب، {والإحسان}: فاطمة، {وإيتاء ذي القربى}: الحسن والحسين، {وينهى عن الفحشاء والمنكر}: كان فلان أفحش الناس، والمنكر فلان.
والمغيرة بن سعيد كوفي رافضي كذاب، اجتمع فيه من المعتقدات الخبيثة والآراء الضالة الكثير، حتى قال ابن عَدِيّ فِي الكامل في ضعفاء الرجال ٨/ ٧٣ عنه: «لم يكن بالكوفة ألعن منه فيما يروى عنه من التزوير على علي بن أبي طالب وعلى أهل البيت، وهو دائمًا يكذب عليهم، ولا أعرف له من الأحاديث مسندًا». قتله خالد بن عبد الله القسري والي العراق عام ١١٩. ينظر: مقالات الإسلاميين ص ٢٣، والفصل في الملل والأهواء والنحل ٤/ ١٤١، وتاريخ الإسلام ٣/ ٣١٩.
(¬٣) تفسير الثعلبي ٦/ ٣٧، وتفسير البغوي ٥/ ٣٩.
(¬٤) أخرجه ابن جرير ١٤/ ٣٣٨ - ٣٣٩. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.