كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 12)

٤٢١٨٨ - قال الحسن البصري: قوله: {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} إنّ كل نفس تُوقَف بين يدي الله للحساب، ليس يسألها عن عملها إلا الله. قال: {وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون} أما الكافر فليس له مِن حسناته في الآخرة شيء، قد استوفاها في الدنيا، وأمّا سيئاته فيُوَفّاها في الآخرة، يُجازى بها النار. وأمّا المؤمن فهو الذي يوفّى الحسنات في الآخرة، وأما سيئاته فإن منهم مَن لم يخرج من الدنيا حتى ذهبت سيئاته بالبلايا والعقوبة، كقوله: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [الشورى: ٣٠]، ومنهم من تبقى عليه من سيئاته فيفعل الله فيه ما يشاء. قال يحيى (¬١): وبلغني: أن منهم مَن تبقى عليه مِن سيئاته فيشدد عليه عند الموت، ومنهم من تبقى عليه منها فيشدد عليه في القبر، ومنهم من تبقى عليه منها فيشدد عليه في الموقف، ومنهم من يبقى عليه منها فيشدد عليه عند الصراط، ومنهم من يبقى عليه منها فيدخل النار فينتقم منه، ثم يخرجه الله منها إلى الجنة (¬٢). (ز)

٤٢١٨٩ - قال مقاتل بن سليمان: {يوم تأتي كل نفس تجادل} يعني: تخاصم {عن نفسها وتوفى} يعني: وتوفر (¬٣) {كل نفس} بر وفاجر {ما عملت} في الدنيا من خير أو شر، {وهم لا يظلمون} في أعمالهم. ولا تسأل الرجعة كل نفس في القرآن إلا كافرة (¬٤) [٣٧٥٤]. (ز)
---------------
[٣٧٥٤] قال ابنُ عطية (٥/ ٤١٧): «وظاهر الآية أن كل نفس تُجادِلُ؛ مؤمنة كانت أو كافرة، فإذا جادل الكفار بكذبهم وجحدهم للكفر شهدت عليهم الجوارح والرسل وغير ذلك بحسب الطوائف، فحينئذ لا ينطقون، ولا يؤذن لهم فيعتذرون، فتجتمع آيات القرآن باختلاف المواطن». ثم ذكر قولًا آخر، وانتقده مستندًا إلى الدلالة العقلية، فقال: «وقالت فرقة: الجدال: قول كل أحد من الأنبياء وغيرهم: نفسي نفسي، وهذا ليس بجدال ولا احتجاج إنما هو مجرد رغبة».
_________
(¬١) ذكرت محققته أنه سقط من بعض النسخ، وفي تفسير ابن زمنين ٢/ ٤٢٠ ما يدل على عدم وجوده.
(¬٢) علَّقه يحيى بن سلام ١/ ٩٤.
(¬٣) عُلِّق في حاشية المصدر على هذا الموضع: في أ: وتوفر وتنبأ، ل: وتوفى.
(¬٤) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/ ٤٨٩.

الصفحة 706