كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)
[الطلاق: ١]، فقال قومٌ: الفاحِشةُ هاهُنا: الزِّنا، والخُرُوجُ: لإقامةِ الحدِّ. وممَّن قال ذلك: عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، وعَمرُو بن دِينارٍ، والشَّعبِيُّ (¬١).
وهذا فيمَنْ وجبَ السُّكنى عليها، ولم يجِبِ السُّكْنَى باتِّفاقٍ، إلّا على الرَّجعِيَّةِ.
وقال ابنُ مسعُودٍ وابنُ عبّاسٍ: الفاحِشةُ: إذا بَذَتْ بلِسانِها (¬٢). وهُو قولُ سعِيدِ بن المُسيِّبِ وغيرِهم.
وقال قتادةُ: الفاحِشةُ النُّشُوزُ. قال: وفي حرفِ ابنِ مسعُودٍ: "إلّا أن يَفْحُشْنَ (¬٣) " (¬٤).
وذكر عبدُ الرَّزّاقِ (¬٥)، عن ابنِ عُيَينةَ والثَّورِيِّ، عن محمدِ بن عَمرِو بن عَلْقمةَ، عن إبراهيمَ التَّيمِيِّ، عن ابنِ عبّاسٍ، في قولِهِ: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١]، قال: إذا بَذَتْ بلِسانِها، فهُو الفاحِشةُ، لهُ أن يُخرِجها.
قال أبو عُمر: فعلى هذا تأوَّلَ بعضُ أهلِ المدِينةِ خُرُوجَ فاطِمةَ عن بَيْتِها، وهُو وَجْهٌ حسنٌ من التَّأوِيلِ.
وقال بعضُهُم: كانت فاطِمةُ تَسْكُنُ مع زَوْجِها في مَوضِع وَحِشٍ (¬٦) مَخُوفٍ، فلهذا ما أذِنَ لها رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الانتِقالِ.
وقال بعضُهُم: كان ذلك من سُوءِ خُلُقِ فاطِمةَ.
---------------
(¬١) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١١٠١٧، ١١٠١٨)، وتفسير الطبري ٢٣/ ٤٣٨.
(¬٢) سيأتي لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(¬٣) في ي ١، ت، م: "تفحش".
(¬٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١١٠٢٠). وهي قراءة شاذة، انظر: مختصر الشواذ لابن خالوية، ص ١٥٩.
(¬٥) في المصنَّف (١١٠٢١، ١١٠٢٢).
(¬٦) موضع وحش: أي قفر، خال من الناس. انظر: لسان العرب ٦/ ٤٢٨.