كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)
يجوزُ فيها النَّظرُ إليها (¬١)، من الشَّهادَةِ عليها، وشِبْهِها، في غيرِ هذا الموضِع والحمد للّه (¬٢).
وأمّا قولُهُ: "اعتدِّي في بيتِ أُمِّ شرِيكٍ". ثُمَّ قال: "تِلك امرأةٌ يَغْشاها أصحابِي، اعتدِّي في بيتِ ابنِ أُمِّ مكتُوم". ففيه دليل على أنَّ المرأةَ الصّالحِةَ المُتجالَّةَ، لا بأسَ أن يَغْشاها الرِّجالُ، ويَتَحدَّثُوا عِندَها.
ومعنى الغِشْيانِ: الإلمامُ والوُرُودُ، قال حسّانُ بن ثابتٍ (¬٣) يمدحُ بني جَفْنة:
يُغْشَونَ حتَّى ما تهِرُّ كِلابُهُم ... لا يسألُونَ عن السَّوادِ المُقبِلِ
وزعمَ قومٌ: أنَّهُ أمدحُ بَيْتٍ قالتهُ العربُ.
حدَّثنا سعِيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا الحُميدِيُّ، قال (¬٤): حدَّثنا سُفيانُ، قال: حدَّثنا مُجالِدُ بن سعِيدٍ الهمدانِيُّ، عن الشَّعبِيِّ، عن فاطِمةَ بنتِ قَيْسٍ، فذكر الحديث. وفيهِ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا ابنةَ قيسٍ، إنَّما السُّكنى والنَّفقةُ للمَرْأةِ إذا كانَ لزوجِها عليها رجعةٌ، فإذا لم يَكُن لهُ عليها رَجْعة فلا سُكْنَى لها ولا نَفَقةَ". ثُمَّ قال لها: "اعْتَدِّي عِندَ أُمِّ شرِيكٍ ابنةِ العكرِ (¬٥) ". ثُمَّ قال: "تلك امرأةٌ يُتحدَّث عِندَها، اعتدِّي عِندَ ابنِ أُمِّ مكتُوم، فإنَّهُ رَجُلٌ محجُوبُ البَصرِ، فتَضَعِي ثِيابكِ، ولا يراكِ".
---------------
(¬١) من قوله: "من المرأة" إلى هنا، لم يرد في الأصل، ي ١، ت، م.
(¬٢) قوله: "والحمد للّه" لم يرد في الأصل، م.
(¬٣) ديوانه، ص ١٢٣.
(¬٤) في مسنده (٣٦٣). وقد سلف في هذا الباب من طريق الشعبي، وسلف تخريجه، فانظر تتمة تخريجه هناك.
(¬٥) هكذا في النسخ، وفي مسند الحميدي: "بنت أبي العكر". وقد رجح ذلك الحافظ ابن حجر في الإصابة ٨/ ٢٤٠.