كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

والأوزاعِيُّ، وهشالم الدَّستُوائيُّ (¬١)، وغيرُهُم، عن يحيى بن أبي كثِيرٍ، عن المُهاجِرِ بن عِكْرِمةَ، قال: كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَسْتأمِرُ بَناتِهِ إذا أنْكَحهُنَّ". قال: كان يجلِسُ عِندَ خِدْرِ المَخْطُوبةِ، فيقولُ: "إنَّ فُلانًا يَذْكُرُ فُلانةً" فإن حرَّكتِ الخِدرَ لم يُزوِّجها، وإن سكَتَتْ زوَّجها.
وذكرَ ابنُ أبي شيبةَ (¬٢) عن حَفْصِ بن غِياثٍ، عن ابنِ جُريج، عن عَطاءٍ مُرسلا، مِثلهُ سَواءً.
ورَوَى الثَّورِيُّ (¬٣)، ومَعْمرٌ (¬٤)، عن عبدِ الكرِيم الجَزَرِيِّ، عن ابنِ المُسيِّبِ، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اسْتأمِرُوا الأبكارَ في أنفُسِهِنَّ، فإنَّهُن يَسْتحيِينَ، فإذا سكتَتْ، فهُو رِضاها". هذا لفظ الثَّوريِّ.
قال الشّافعيُّ (¬٥): وهذا في الآباءِ على استطابةِ النَّفسِ، ممَّن لهُ أن يُنكحها، كما أمرَ نُعيمًا أن يُشاورَ أُمَّ ابنتهِ، ومَعلومٌ أنَّها لا أمرَ لها معهُ في ابنتهِ، ولما عَسَى أن يكونَ عندَها ممّا يَخْفَى عليه من ذلك.
وقال آخرونَ: الأيِّمُ كلُّ امرَأةٍ لا زوجَ لها، بكْرًا كانت أم ثيِّبًا. واسْتَشهدُوا بقولِ الشّاعر:
فإن تَنْكِحي أنكِحْ وإن تَتَأيِّمي ... وإن كنتُ أفْتَى منكمُ أتايِّمُ
---------------
(¬١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٠٢٧٨)، وسعيد بن منصور (٥٦٢)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ١٢٣، من طريق هشام، به.
(¬٢) في المصنَّف (١٦٢١٩).
(¬٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٠٢٨٠) عن الثوري، به.
(¬٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٠٢٨١) عن معمر، بنحوه.
(¬٥) هذه الفقرة لم ترد في ت. وانظر: الأم ٥/ ١٨٠ و ٧/ ١٦٥.

الصفحة 16