كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

قال أبو عُمر: ومن هذا قول الشَّمّاخ (¬١):
يَقَرُّ بعيني أن أُنبّأ أنَّها ... وإن لم أنلْها أيِّمٌ لم تَزوَّجِ
وأبينُ من هذا قولُ أُميَّةَ بن أبي الصَّلتِ (¬٢):
لله دَرُّ بني عليٍّ ... أيِّم منهم وناكِحْ
إن لم يُغيروا غارةً ... شَعْواء تُجْحِرُ (¬٣) كلَّ نابِحْ
قالوا: فالأيِّمُ: كلُّ من لا زوجَ لها من النِّساء. قالوا: وكذلك كلُّ رجُلٍ لا امرأةَ لهُ أيِّمٌ أيضًا، فالرّجُلُ أيِّمُ إذا كان لا زوجةَ له، والمراةُ أيِّمٌ إذا كانت لا زوجَ لها.
واحتجُّوا أيضًا بما حدثناهُ عبدُ الوارِثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن زُهَيرٍ، قال: حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا حمّادُ بن سلمةَ، عن عليِّ بن زيدٍ، عن سعِيدِ بن المُسيِّبِ، قال: آمَتْ حفصةُ ابنةُ عُمر من زوجِها، وآمَ عُثمانُ من رُقيَّةَ بنتِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فمرَّ عُمرُ بعُثمان، فقال: هل لكَ في حَفْصةَ؟ فلم يُحِرْ إليه شيئًا، فائى عُمرُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ألم تَرَ إلى عُثمانَ، عرضتُ عليه حَفْصةَ، فأعرضَ عنِّي، ولم يُحِرْ إليَّ شيئًا؟ فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فَخيرٌ من ذلك، أتزوَّجُ أنا حَفْصةَ، وأُزوِّجُ عُثمانَ أُمَّ كلثُوم". فتزوَّجَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَفْصةَ، وزوَّجَ عُثمان أُمَّ كلثُوم (¬٤).
ألا تَرَى أنَّ في هذا الحديثِ: آمَتْ حفصةُ، وآمَ عُثمانُ؟
---------------
(¬١) ديوانه، ص ٧٦.
(¬٢) هذه الفقرة والبيتان منها لم ترد في ت. وانظر: سيرة ابن هشام ٢/ ٣٢.
(¬٣) جحَرَ فلان الضب: أدخله في الجحر، وأجحره المطر، أي: ألجأه حتَّى دخل جُحره. انظر: تاج العروس ١٠/ ٣٧٣.
(¬٤) أخرجه الحاكم في المستدرك ٤/ ١٤، من طريق موسى بن إسماعيل، به. وأخرجه ابن سعد في طبقاته ٨/ ٨٣، وإسحاق بن راهوية (٢٥) من طريق حماد بن سلمة، به.

الصفحة 17