كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

ذاتَ شارةٍ، فقالت: هل لكَ في امرأةٍ لا أيِّمٌ ولا ذاتُ بَعْل؟ وذكر الحديثَ (¬١).
قال: وإنَّما يُقال: آمَتْ منه زوجته، أي: صارت غيرَ ذاتِ زوج، وليس أنَّها صارت ثيِّبًا بموتهِ أو بفراقهِ، وإنَّما تصير أيِّمًا بموتهِ أو بفراقهِ، إذا صارَت غيرَ ذاتِ زوج، قال: ويقال للرَّجُلِ أيضًا: أيِّمٌ. إذا لم تكُن له زوجةٌ، وأنشدَ قول الشّاعرِ:
فإن تَنْكِحي أنكِحْ وإن تتأيَّمي ... وإن كنتُ أفْتَى منكُمُ أتأيَّمُ
وأنشدَ أيضًا بيتي الأسديِّ يومَ القادسيَّة، وقد تقدَّم ذكْرُنا لهما (¬٢).
ثمَّ قال: ويُقال في بعض الحديث، وأحسبَهُ مرفوعًا: "أعوذُ باللّه من بَوارِ الأيِّمُ" (¬٣). قال: وهذا في اللُّغة أشهَرُ من أن يُحتاجَ فيه إلى إكثارٍ.
ثمَّ قال: وإنَّما كان في الحديث معنيانِ:
أحدُهما: أنَّ الأَيامَى كلَّهنَّ أحقُّ بأنفسهنَّ من أوليائهنَّ، وهُم من عَدا الأبَ من الأولياء.
والمعنى الآخرُ: تعليمُ النّاس كيفَ تُسْتأذنُ البكرُ، وأنَّ إذنَها صُماتُها؛ لأنَّها تستحيي أن تجيبَ بلسانِها.
قال إسماعيلُ: فهذا معنى الحديث عندَ مالكٍ: أنَّ الأيِّمَ أحقُّ بنفسها من وليِّها، إنَّما هو لسائرِ الأولياءِ دُونَ الأبِ.
وأنَّ الأبَ أقوى أمرًا من أن يدخُلَ في هذه الجُملة، ولو كان داخلًا فيها، لما جازَ له أن يُزوِّجَ ابنتهُ الصَّغيرةَ؛ لأنَّها داخلة في جُملة الأيامَى، ولو كانت أحقَّ
---------------
(¬١) أخرجه ابن حزم في المحلى ١٠/ ٥٩، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٢٢٧، من طريق شعبة، به.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٠٧٣٥) من طريق أبي إسحاق، به.
(¬٢) تقدما قريبًا في هذا الباب.
(¬٣) أخرجه الطبراني في الكبير ١١/ ٣٢٣ (١١٨٨٢) من حديث ابن عباس.

الصفحة 20