كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

بنَفسِها، لم يَجُز لهُ أن يُزوِّجها حتَّى تبلُغَ وتُستأمر، إذا كان التَّزويجُ أمرًا يلزمها في نفسها، لا حيلةَ لها فيه، كما أنَّ غير الأبِ من الأولياءِ لا يَجُوز لهُ أن يُزوِّج صغيرةً.
والأبُ لهُ أن يُزوِّج الصَّغيرةَ بإجماع من المُسلمينَ، ثمَّ يلزمَها ذلك، ولا يكون لها في نفسِها خيار، إذا بلغَتْ.
هذا كلُّه كلامُ إسماعيلَ بن إسحاقَ.
قال (¬١) أبو عمر: فحصَلَ من هذا أنَّ الولي المذكُورَ في هذا الحديثِ، هو الأبُ عندَ الشّافعي، وعندَ مالكٍ في غير الأب من سائرِ الأولياء، وهو عندَ الكُوفيينَ: الأبُ وغير الأبِ من سائرِ الأولياءِ، كلِّهم في النِّكاح.
وسيأتي مذهبُهم في ذلك مُلخَّصًا (¬٢) في هذا البابِ بعدُ، إن شاء الله.
قال أبو عُمر: في قول رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأيِّمُ أحقُّ بنفسِها من وليِّها". دليلٌ على أنَّ للوليِّ حقًّا في إنكاح وليَّته، على ما مَضَى في هذا البابِ من القولِ، على الفَرقِ بين الثَّيِّبِ والبكرِ، وعلى الجَمع بينهُما في المعنى المُراد بالوليِّ المذكُور في الحديث، على حسَبِ ما وصَفْنا.
وقد اختَلف العُلماء في هذا المعنَى:
فقال منهم قائلونَ: لا نِكاحَ إلّا بوليٍّ، ولا يَجُوزُ للمرأةِ أن تُباشرَ عقدَ نكاحها بنفسِها دُون وليِّها، ولا أن تعقدَ نِكاحَ غيرِها.
وممَّن قال هذا: مالكٌ (¬٣)، والشّافعيُّ (¬٤)، وسُفيانُ الثَّوريُّ (¬٥)، وابن أبي ليلى،
---------------
(¬١) هذه الفقرة والسطر بعدها لم يردا في ت.
(¬٢) في الأصل: "مخلصًا".
(¬٣) انظر: المدونة ٢/ ١١٦.
(¬٤) انظر: الأم ٥/ ١٣.
(¬٥) في م: "والثوري".

الصفحة 21