كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

وابن شُبرمةَ، وابن المبارك، وعُبيد الله بن الحسنِ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو عُبيدٍ، والطَّبريُّ (¬١).
ورُوي ذلك عن عُمرَ، وعليٍّ، وابن مسعودٍ، وابن عباسٍ، وأبي هريرة. وهو قولُ سعيد بن المُسَيِّب، والحسن، وعُمر بن عبد العزيز، وجابرِ بن زيدٍ أبي الشَّعثاء (¬٢). وخالفَ هؤلاءِ أهلُ الرَّأي من الكُوفيِّين، وطائفةٌ من التّابعينَ.
وسنذكُر قولَهم (¬٣) هاهنا، إن شاء الله، بعونهِ وفضلهِ، وكلُّهم يقول: لا يَنْبغي أن ينعقدَ نكاحٌ بغيرِ وليٍّ.
قال أبو عُمر: حُجَّة من قال: لا نِكاحَ إلّا بوليٍّ، أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد ثبتَ عنه أنَّه قال: "لا نِكاحَ إلّا بوليٍّ" (¬٤).
وقال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] وهذه الآية نزلَتْ في مَعقِلِ بن يَسارٍ، إذ عضَلَ أُختَهُ عن مُراجعةِ زوجِها، ولولا أنَّ له حقًّا في الإنكاح، ما نُهِيَ عن العَضْلِ.
وأمّا افتتاحُ هذه الآية بذكرِ الأزواج، ثمَّ الميلُ إلى الأولياءِ، فذلكَ معروفٌ في لِسانِ العرب، كما قال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}. فخاطَبَ المتبايعَيْن، ثمَّ قال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [االبقرة: ٢٨٢ [فخاطَبَ الحُكّامَ، وهذا كثيرٌ.
والرِّواية الثّابتة في مَعقلِ بن يَسارٍ تُبيِّن ما قُلنا، وسنذكُرُها، إن شاء الله.
---------------
(¬١) وانظر التفاصيل في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢٤٧.
(¬٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٠٤٧٦، ١٠٤٨٠، ١٠٤٨٦، ١٠٤٨٨، ١٠٤٩٣، ١٠٤٩٨، ١٠٥٠٦)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (١٦١٦٧ فما بعدها)، وسنن سعيد بن منصور (٥٣٠، ٥٣٣، ٥٣٧، ٥٣٨، ٥٥٣)، وسنن الدارقطني ٤/ ٣١٥، ٣٢٢، ٣٢٤ (٣٥٢١، ٣٥٣١، ٣٥٣٤).
(¬٣) يعني: قول من قال: "لا نكاح إلا بولي".
(¬٤) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.

الصفحة 22