كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

سُفيانُ وعبدُ الله بن رجاءٍ المُزنِيُّ، قالا: حدَّثنا ابنُ جُرَيج، عن سُليمان بن موسى، عن الزُّهرِيِّ، عن عُروةَ، عن عائشةَ، فذكرهُ سواءً.
قال أبو عُمر: رَوى هذا الحديثَ إسماعيلُ ابن عُليَّة، عن ابن جُريج، عن سُليمان بن موسى، عن الزُّهْري، عن عُروة، عن عائشةَ، كما رواه غيره، وزادَ عن ابن جُريج، قال: فسألتُ عنه الزُّهْريَّ، فلم يعرفه (¬١). ولم يَقُل هذا أحدٌ عن ابن جُريج غير ابن عُليَّة، وقد رواهُ عنه جماعة لم يذكروا ذلك، ولو ثبتَ هذا عن الزُّهْريِّ، لم يكن في ذلك حُجَّة؛ لأنَّه قد نقلهُ عنه ثقات، منهم: سُليمان بن موسى، وهو فقيهٌ ثقةٌ إمامٌ، وجعفرُ بن ربيعةَ (¬٢)، والحجّاج بن أرْطاةَ، فلو نَسِيهُ الزُّهْريُّ، لم يَضُرَّه ذلك شيئًا، لأنَّ النِّسيانَ لا يُعصَمُ منه الإنسان، قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَسِي آدمُ، فنسِيَتْ ذُرِّيَّته" (¬٣). وإذا (¬٤) كانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْسَى، فمن سِواه أحْرَى أن ينسَى، ومن حفِظَ، فهو حُجَّةٌ على من نَسي، فإذا رَوَى الخبرَ ثقةٌ عن ثقةٍ، فلا يضُرُّه نسيانُ من نسِيَه.
هذا لو صحَّ ما حَكَى ابن عُليَّة، عن ابن جُريج، فكيفَ وقد أنكرَ أهلُ العلم ذلك من حكايتهِ، ولم يُعرِّجُوا عليه (¬٥).
---------------
(¬١) أخرجه أحمد في مسنده ٤٠/ ٢٤٣ (٢٤٢٠٥)، والترمذي (٢٦١٢) من طريق ابن علية، به.
(¬٢) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه. وكذا ما بعده.
(¬٣) سلف في شرح الحديث الأول لأيوب، وهو في الموطأ ١/ ١٤٧ (٢٤٧)، وانظر تخريجه في موضعه.
(¬٤) هذا الحرف سقط من ي ١، د ٢، ت.
(¬٥) تكلّم الإمام الترمذي بمثل هذا قبل المؤلف حيث بدأ ذلك بقوله: "وقد تكلّم بعض أصحاب الحديث في حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن جريج: ثم لقيت الزهري فسألته، فأنكره، فضعفوا هذا الحديث لأجل هذا ... إلخ " الجامع الكبير ٢/ ٣٩٥.

الصفحة 24