كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

وانقضَتْ عِدَّتها، فرَغِبَ فيها وخَطَبها، فعضَلَها مَعْقلُ بن يَسارٍ، فنزلَتْ هذه الآيةُ (¬١).
قال أبو عُمر: فقد صرَّح الكتابُ والسُّنةُ بأنْ لا نِكاحَ إلّا بوليٍّ، فلا معنَى لما خالَفَهما، ألا ترَى أنَّ الولي لمّا نُهي عن العَضلِ، فقد أمِرَ بخلافِ العَضْلِ، وهو التَّزويج، كما أنَّ الذي نُهي عن أن يبخسَ النّاس، قد أُمِرَ بأن يُوفيَ الكيلَ والوزنَ؟ وهذا بَيِّنٌ كثيرٌ، وباللّه التَّوفيقُ.
وقد كان الزُّهْريُّ والشَّعبيّ، يقولانِ: إذا تزوَّجتِ المرأة بغيرِ إذنِ وليِّها كُفئًا، فهو جائزٌ (¬٢).
وكذلك كان أبو حنيفة (¬٣)، يقولُ: إذا زوَّجت المرأةُ نفسَها كُفئًا بشاهدَينِ، فذلك نكاحٌ جائزٌ صحيحٌ. وهو قولُ زُفَر. وإن زوَّجت نفسَها غيرَ كُفءٍ، فالنِّكاحُ جائزٌ، وللأولياءِ أن يُفرِّقوا بينهُما.
وقال أبو يُوسُف: لا يجوزُ النِّكاحُ إلّا بوليٍّ، فإن سلَّمَ الوليُّ جازَ، وإن أبَى أن يُسلِّم، والزَّوجُ كُفءٌ، أجازهُ القاضي.
وإنَّما يتمُّ النِّكاحُ في قولهِ، حينَ يُجيزه القاضي.
وهو قول محمدِ بن الحسنِ، وقد كان محمدُ بن الحسنِ يقولُ: يأمُر القاضي الوليَّ بإجازتهِ، فإن لم يفعَلْ، استأنَفا عقدًا.
قال أبو عُمر: في اتِّفاقهم على أنَّ للوليِّ فسخَ نكاح وليَّته إذا تزوَّجت غيرَ
---------------
(¬١) أخرجه الطبري في تفسيره ٥/ ٢٠.
(¬٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق بإثر (١٠٤٧٢، ١٠٤٧٩)، وسنن سعيد بن منصور (٥٣٥).
(¬٣) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن ١٠/ ١٩٨ (ط. دار ابن حزم)، والمبسوط للسرخسي ٥/ ١٠، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢٤٧، ومنه نقل المصنف ما بعده.

الصفحة 30