كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

حدَّثنا ابنُ إدرِيسَ، عن ابنِ جُريج، عن ابنِ أبي مُليكةَ، عن أبي عَمرٍو مولى عائشةَ، عن عائشةَ، قالت: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تُستأمرُ النِّساءُ في أبضاعِهِنَّ". قالت: قُلتُ: يا رسُولَ الله، إنَّهُنَّ يَسْتحيِينَ، قال: "الأيِّمُ أحقُّ بنفسِها، والبِكرُ تُسْتأمرُ، وسُكُوتُها إقْرارُها".
قال أبو عُمر: أجمعَ العُلماء، على أنَّ للأبِ أن يُزوِّجَ ابنتهُ الصَّغيرةَ ولا يُشاورُها، لتَزْويج رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشةَ وهي بنتُ ستِّ سنينَ. إلّا أنَّ العراقيينَ، قالوا: لها الخيارُ إذا بلغَتْ. وأبَى ذلك أهل الحجاز، ولا حُجَّة مع من جعلَ لها الخيارَ عندي، واللّهُ أعلم.
قال (¬١) أبو قُرَّة: سألتُ مالكًا عن قولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "والبكرُ تُستأذنُ في نفْسِها" أيصيبُ هذا القولُ الأبَ؟ قال: لا، لم يُعْنَ الأبُ بهذا، إنما عُنِيَ به غير الأبِ. قال: وإنكاحُ الأبِ جائزٌ على الصِّغارِ من ولدهِ، ذكرًا كان أو أُنثى؟ قال: ولا يُنكِحُ الجارية الصَّغيرة أحدٌ من الأولياءِ غيرُ الأبِ.
واختلفُوا في الأبِ، هل يُجبر ابنتَهُ الكبيرة البكرَ على النِّكاح أم لا؟
فقال: مالكٌ (¬٢) والشّافعيُّ (¬٣) وابنُ أبي ليلى: إذا كانت المرأةُ بكرًا، كان لأبيها أن يُجبرها على النِّكاح، ما لم يكُن ضررًا بيِّنًا، وسواءٌ كانت صغيرةً أو كبيرةً.
وبه قال أحمدُ، وإسحاقُ، وجماعةٌ (¬٤)، وحُجَّتهم: أنَّه لمّا كان لهُ أن يُزوِّجها وهي صغيرةٌ، كان له أن يُزوِّجها كبيرةً، إذا كانت بكرًا؛ لأنَّ العلَّة البُكورة، ولأنَّ
---------------
(¬١) هذه الفقرة برمتها لم ترد في ت.
(¬٢) انظر: المدونة ٢/ ٢٥٢.
(¬٣) انظر: الأم ٥/ ٢٣.
(¬٤) انظر: مسائل أحمد وإسحاق للكوسج ٤/ ١٤٦٧ (٨٥٦). وانظر أيضًا: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢٥٦ فمنه نقل المصنف هذه الأقوال.

الصفحة 40