كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

على بعضٍ. وقال حاكِيًا عن ربِّهِ عزَّ وجلَّ: "يا عِبادِي إنِّي حرَّمتُ الظُّلم على نَفْسِي (¬١) فلا تظالمُوا" (¬٢). وقال اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمً} [طه: ١١١].
وأصلُ الظُّلم، وضعُ الشَّيءِ غير مَوْضِعِهِ، وأخذُهُ من غَيرِ وجهِهِ.
ومن أضرَّ بأخِيهِ المُسلِم، أو بمن لهُ ذِمَّةٌ فقد ظَلمهُ، والظُّلمُ ظُلُماتٌ يوم القِيامةِ، كما ثبتَ في الأثرِ الصَّحِيح (¬٣).
وقد روى عبدُ الرَّزّاقِ، عن مَعْمرٍ، عن جابرٍ الجُعفِيِّ، عن عِكرِمةَ، عنِ ابن عبّاسٍ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ضررَ ولا ضِرار، وللرّجُلِ (¬٤) أن يَغْرِزَ خَشَبهُ (¬٥) في حائطِ (¬٦) جارِهِ" (¬٧).
قال أبو عُمر: كان شُعبةُ والثَّورِيُّ يُثنِيانِ على جابرٍ الجُعفِيِّ، ويَصِفانِهِ بالحِفظِ والإتقانِ. وكان ابن عُيَينةَ يذُمُّهُ (¬٨)، ويحكِي عنهُ من سُوءِ مذهبِهِ ما يُسقِطُ رِوايتهُ. واتَّبعهُ على ذلك أصحابُهُ: ابن معِينٍ، وعليٌّ، وأحمدُ، وغيرُهُم. فلهذا قُلتُ: إنَّ هذا الحدِيث لا يَسْتنِدُ من وَجْهٍ صحِيح، واللَّه أعلمُ.
---------------
(¬١) قوله: "على نفسي" لم يرد في الأصل، د ٢.
(¬٢) سلف في شرح الحديث السابع والعشرين لأبي الزناد، وهو في الموطأ ٢/ ٢٠٥ (١٩٦٨)، وانظر تخريجه في موضعه.
(¬٣) سلف في شرح الحديث السابع والعشرين لأبي الزناد، وهو في الموطأ ٢/ ٢٠٥ (١٩٦٨)، وانظر تخريجه في موضعه.
(¬٤) في م: "وللجار"، والمثبت من د ٢، وهو الذي في مسند أحمد.
(¬٥) في الأصل: "خشبة"، وفي ت: "خشبته".
(¬٦) في ت، م: "جداره".
(¬٧) أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ٥٥ (٢٨٦٥)، وابن ماجة (٢٣٤١) من طريق عبد الرزاق، به. وأخرجه الطبراني في الكبير ١١/ ٣٠٢ (١١٨٠٦)، وفي الأوسط (٣٧٧٧) من طريق معمر، به. وإسناده ضعيف، لضعف جابر الجعفي. وانظر: المسند الجامع ٩/ ٢٨٤ (٦٦١٣).
(¬٨) قوله: "يذمّه و" لم يرد في د ٢.

الصفحة 530