كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

وهذا كلُّهُ واضِحٌ لا خِلافَ فيه، والحمدُ للَّه.
وفي هذا الحدِيثِ دليلٌ على أنَّ المرضَ الخفِيف، يجُوزُ في الضَّحايا.
والعرَجَ الخفِيفَ، الذي تلحقُ به الشّاةُ الغنم، لقولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "البيِّنُ مَرَضُها". و"البيِّنُ ظلعُها".
وكذلك النُّقطةُ في العينِ، إذا كانت يَسِيرةً، لقولِهِ: "العَوْراءُ البيِّنُ عَوَرُها".
وكذلك المهزُولةُ التي ليسَتْ بغايةٍ في الهُزالِ، لقولِهِ: "والعَجْفاءُ التي لا تُنقِي". يريدُ: التي لا شيءَ فيها من الشَّحم، والنَّقيُ: الشَّحمُ.
وقد بانَ في نسقِ ما أوردنا من الأحادِيثِ، تفسِيرُ هذه اللَّفظةِ، وقد جاءَ في الحدِيثِ الآخرِ: "البيِّنُ هُزالهُا". وفي لفظِ حدِيثِ شُعبةَ: "والكَسِيرُ التي لا تُنقِي". ومعنى الكسِيرِ: هي التي لا تقُومُ ولا تَنْهضُ من الهُزالِ.
ومن العُيُوبِ التي تُتَّقى في الضَّحايا بإجماع: قطعُ الأُذُنِ، أو أكثرِهِ، والعَيْبُ في الأُذُنِ مُراعًى عِندَ جماعةِ العُلماءِ في الضَّحايا.
واختَلفُوا في السَّكّاءِ، وهي التي خُلِقَتْ بلا أُذُنٍ.
فمَذهبُ مالكٍ (¬١) والشّافِعيِّ: أنَّها إذا لم تَكُن لها أُذُن خِلقةً، لم تُجْزِ، وإن كانت صغِيرةَ الأُذُنِ أجزأت (¬٢).
وروى بِشْرُ (¬٣) بن الولِيدِ، عن أبي يُوسُفَ، عن أبي حنِيفةَ مِثل ذلك (¬٤).
---------------
(¬١) انظر: المدونة ١/ ٥٥٠.
(¬٢) انظر: الإشراف لابن المنذر ٣/ ٤٠٧، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ٨٨، وشرح مختصر الطحاوي ٧/ ٣٥٣ - ٣٥٨. وانظر فيها ما بعده.
(¬٣) في ت: "بشير"، وفي م: "بسر". وكلاهما خطأ، وهو بشر بن الوليد بن خالد، أبو الوليد الكندي القاضي. انظر: تاريخ الخطيب ٧/ ٥٦١، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١٠/ ٦٧٣.
(¬٤) انظر: تحفة الفقهاء للسمرقندي ٣/ ٨٥ - ٨٦.

الصفحة 544