كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

يزِيد بن قُسَيطٍ، عن عطاءِ بن يَسارٍ، عن زيدِ بن ثابتٍ (¬١)، قال: قَرأتُ على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - النَّجم، فلم يَسْجُد فيها (¬٢).
وليس فيه حُجَّةٌ، إلّا على من زعمَ أنَّ السُّجُودَ واجِبٌ.
وقد قيلَ: إنَّ معناهُ، أنَّ زيد بن ثابتٍ كان القارِئَ، فلمّا لم يَسْجُد، لم يسجُدِ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، لأنَّ المُستمِعَ تبعٌ للتّالِي. وهذا يدُلُّ على صِحَّةِ قولِ عُمر: إنَّ الله لم يَكْتُبها علينا (¬٣). فإنَّما حديثُ زيدِ بن ثابتٍ هذا حُجَّةٌ على من أوجبَ سُجُود التِّلاوةِ، لا غير (¬٤).
وقال جماعةٌ من أهلِ العِلم: السُّجُودُ في المُفصَّلِ، في {وَالنَّجْمِ}، و {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. هذا قولُ الشّافِعيِّ، والثَّورِيِّ، وأبي حنِيفةَ. وبه قال أحمدُ بن حنبل، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ (¬٥).
ورُوِي ذلك عن أبي بكر، وعُمر، وعليٍّ، وابنِ مسعُودٍ، وعمار (¬٦)، وأبي هريرةَ، وابنِ عُمر (¬٧)، على اختِلافٍ عنهُ. وعن عُمر بن عبدِ العزيزِ، وجماعةٍ من التّابِعِينَ (¬٨).
وحُجَّةُ من رأى السُّجُود في المُفصَّلِ، حديثُ أبي هريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّهُ سجَدَ في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}.
وأخبَرنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ،
---------------
(¬١) من قوله: "رواه وكيع" إلى هنا، سقط من ي ١، ت.
(¬٢) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(¬٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٨٤ (٥٥١).
(¬٤) من قوله: "وقد قيل: إن معناه" سقط من ي ١، ت.
(¬٥) انظر: الإشراف لابن المنذر ٢/ ٢٨٤ وما بعدها، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٣٨.
(¬٦) في م: "وعثمان".
(¬٧) سيأتي ذكر هذه الآثار لاحقًا، وانظر تخريجها في موضعها.
(¬٨) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٤٢٦٤) فما بعدها، والأوسط لابن المنذر ٥/ ٢٥٧ - ٢٦٠، وشرح معاني الآثار للطحاوي ١/ ٣٥٥ - ٣٥٦.

الصفحة 70