كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

واحتجَّ من رأى السُّجُود في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} وفي سائرِ المُفصَّلِ، بأنَّ أبا هريرةَ رأى الحُجَّةَ في السُّنَّةِ، لا فيما خالفها، ورأى أنَّ من خالَفَها محجُوجٌ بها.
وكذلك أبو سَلَمةَ لمّا أخبَرهُ أبو هريرةَ بما أخبَرهُ به عن رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - سكتَ، لما لزِمهُ من الحُجَّةِ، ولم يقُل لهُ: الحُجَّةُ في عَملِ النّاسِ، لا فيما تحكِي أنتَ عن رسُولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -. بل علِمَ أنَّ الحُجَّةَ فيما نزَعَ به أبو هريرةَ، فسلَّم وسكتَ.
وقد ثبتَ عن أبي بكرٍ، وعُمرَ، والخُلفاءِ بعدهُما السُّجُودُ في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، فأيُّ عملٍ يُدَّعى في خِلافِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، والخُلفاءِ الرّاشِدِين بعدهُ؟
حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: أخبَرنا حمزةُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعَيبٍ، قال (¬١): أخبَرنا عمرُو بن عليٍّ، قال: حدَّثنا يحيى، قال: حدَّثنا قُرَّةُ، وهُو ابنُ خالدٍ، عن محمدِ بن سِيرِينَ، عن أبي هريرةَ، قال: سجدَ أبو بكرٍ وعُمرُ رضِي الله عنهُما في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، ومن هُو خيرٌ منهُما.
وذكر عبدُ الرَّزّاقِ (¬٢)، عن مَعمرٍ والثَّورِيِّ، عن أبي إسحاقَ، عن الحارِثِ، عن عليٍّ. وذكرهُ الثَّورِيُّ أيضًا، عن عاصِم، عن زِرِّ بن حُبَيشٍ، عن عليٍّ قال: العَزائمُ أربعٌ: {الم (١) تَنْزِيلُ}. و {حم} السَّجدةُ (¬٣)، والنَّجمُ، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}.
وهذا الحديثُ رواهُ شُعبةُ، عن عاصِم قال: سمِعتُ زِرَّ بن حُبيشٍ قال: قال عبدُ الله بن مسعُودٍ: عزائمُ السُّجُودِ أربعٌ: {الم (١) تَنْزِيلُ} السَّجدةُ، و {حمَ} السَّجدةُ، والنَّجمُ، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (¬٤).
---------------
(¬١) في المجتبى ٢/ ١٦١، وفي الكبرى ٢/ ٧ (١٠٣٩). وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٩/ ٤٧، من طريق يحيى بن سعيد، به. وقد سلف قريبًا من طريق قرة أيضًا، فانظر تتمة تخريجه هناك.
(¬٢) في المصنَّف (٥٨٦٣).
(¬٣) هكذا في النسخ، ومعلوم أن بداية سورة السجدة {الم}، وقد سلف التنبيه على ذلك في أوائل هذا الباب أيضًا.
(¬٤) أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢٨٣٧)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٣١٥، من طريق شعبة، به.

الصفحة 76