كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)
قالوا: فعلى هذا، معنى ما رُوِي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّهُ لم يسجُد في {وَالنَّجْمِ}، وأنَّهُ سجَدَ فيها، والله أعلمُ.
فهذا ما في سُجُودِ المُفصَّلِ من الآثارِ الصِّحاح، واختِلافِ العُلماءِ من الصَّحابةِ ومَن بعدَهُم رِضوانُ الله عليهِم.
واختَلَفُوا أيضًا في السُّجُودِ في سُورةِ {ص}:
فذهَبَ مالكٌ والثَّورِيُّ وأبو حنِيفةَ إلى السُّجُودِ فيها (¬١).
ورُوِي ذلك عن عُمر، وعُثمان، وابنِ عُمر (¬٢)، وجماعةٍ من التّابِعين.
وبه قال أحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ (¬٣).
واختُلِف في ذلك عن ابنِ عبّاسٍ.
وذهَبَ الشّافِعيُّ إلى أنْ لا سُجُودَ في {ص}. وهُو قولُ ابنِ مسعُودٍ، وعلقمةَ.
ذكر عبدُ الرَّزّاقِ (¬٤)، عن الثَّورِيِّ، عن الأعْمَشِ، عن أبي الضُّحَى، عن مسرُوقٍ، قال: وقال عبدُ الله بن مسعُودٍ: إنَّما هي توبةُ نبِيٍّ ذُكِرت. وكان لا يَسْجُدُ فيها، يعني {ص}.
وروى ابنُ وَهْبٍ، عن عَمرِو بن الحارِثِ، عن سعِيدِ بن أبي هِلال، عن عِياضِ بن عبدِ الله بن سَعدٍ، عن أبي سعِيدٍ الخُدرِيِّ، قال: قَرأ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهُو على المِنبرِ {ص} فلمّا بلغ السَّجدةَ، نزلَ فسجَدَ، وسجدَ النّاسُ معهُ،
---------------
(¬١) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٣٨، والاستذكار ٢/ ٥٠٧.
(¬٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٥٨٦٤، ٥٨٧٢)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (٤٢٨٥ - ٤٢٩٩).
(¬٣) انظر: الإشراف لابن المنذر ٢/ ٢٨٣.
(¬٤) في المصنَّف (٥٨٧٣).