كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

وقال الأثرمُ: سمِعتُ أحمد بن حَنْبلٍ يُسألُ: كم في الحجِّ؟ فقال: سَجْدتانِ. قيل لهُ: حديثُ عُقبةَ بن عامرٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "في الحجِّ سجدتانِ"؟ قال: نعم، رواهُ ابنُ لهِيعةَ عن مِشْرَح، عن عُقبةَ بن عامرٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "في الحجِّ سجدتانِ، فمن لم يسجُدْهُما فلا يَقْرأهُما" (¬١).
قال: وهذا توكِيدٌ لقولِ عُمرَ، وابنِ عُمر، وابنِ عبّاسٍ؛ لأنَّهُم قالوا: فُضِّلت سُورةُ الحجِّ بسجدَتينِ.
واختلفُوا في جُملةِ عَددِ سُجُودِ القُرآنِ:
فذهَبَ مالكٌ (¬٢) وأصحابُهُ إلى أنَّها إحْدَى عَشْرةَ سجدةً، ليسَ في المُفصَّلِ منها شيءٌ. هذا تحصِيلُ مَذهبِ مالكٍ عِندَ أصحابِهِ.
وقد روى ابنُ وَهْبٍ، عن مالكٍ: أنَّ سُجُودَ القُرآنِ خمسَ عشْرةَ سجدةً في المُفصَّلِ وغيرِ المُفصَّلِ. وكان ابنُ وَهْبٍ رحِمهُ الله يذهبُ إلى هذا.
ورُوِي عن ابنِ عُمرَ، وابنِ عبّاسٍ (¬٣)، على اختِلافٍ عنهُما.
وعن أنسٍ (¬٤)، والحَسَنِ، وسعِيدِ بن المُسيِّبِ، وكلُّ من تَقدَّم ذكرنا عنهُ: أنَّهُ لا يسجُدُ في المُفصَّلِ.
---------------
(¬١) أخرجه أحمد في مسنده ٢٨/ ٥٩٣، ٦٢٩ (١٧٣٦٤، ١٧٤١٢)، وأبو داود (١٤٠٢)، والترمذي (٥٧٨)، والطبراني في الكبير ١٧/ ٣٠٧ (٨٤٧)، والدارقطني في سننه ٢/ ٢٧١ (١٥٢١)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٣١٧، من طريق ابن لهيعة، به، وإسناده ضعيف، لضعف ابن لهيعة، وقال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي. وانظر: المسند الجامع ١٣/ ٦٠ (٩٨٩٣).
(¬٢) انظر: المدونة ١/ ١٩٩.
(¬٣) سلف عنهما في هذا الباب.
(¬٤) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٥٩٠٢).

الصفحة 84