كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)
جاءَ السَّجدةَ، قال: يا أيُّها النّاسُ، إنَّما (¬١) نمُرُّ بالسُّجودِ، فمن سجدَ فقد أصابَ وأحسنَ، ومن لم يسجُد فلا إثمَ عليه. قال: ولم يَسْجُد عُمرُ.
قال ابنُ جُريج: وأخبَرنا نافِعٌ، عن ابنِ عُمر، قال: لم يُفرَض علينا السُّجُودُ، إلّا أن نشاءَ (¬٢).
قال أبو عُمر: أيُّ شيءٍ أبينُ (¬٣) من هذا عن عُمر وابنِ عُمرَ، ولا مُخالِفَ لهما من الصَّحابةِ فيما عَلِمتُ؟
وليسَ قولُ من أوجَبَها بشيءٍ، والفرائضُ لا تجِبُ إلّا بحُجَّةٍ لا مُعارِض لها، وبالله التَّوفيقُ.
وقال الأثرمُ: سَمِعتُ أحمد بن حنبلٍ يُسألُ عن الرَّجُلِ يقرأُ السَّجدةَ في الصَّلاةِ فلا يسجُدُ (¬٤). فقال: جائزٌ أن لا يسجُد، وإن كُنّا نستحِبُّ أن يسجُدَ، فإن شاءَ سجدَ. واحتجَّ بحديثِ عُمر: ليسَتْ علينا، إلّا أن نشاءَ. قيل لهُ: فإنَّ هؤُلاءِ يُشدِّدُونَ. يعني أصحابَ أبي حنِيفةَ، فنفضَ يدهُ، وأنكرَ ذلك.
وأمّا اختِلافُهُم في التَّكبِيرِ لسُجُودِ التِّلاوةِ، والتَّسلِيم مِنها.
فقال الشّافِعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثورٍ وأبو حنِيفةَ: يُكبِّرُ التّالِي إذا سجدَ، ويُكبِّرُ إذا رفعَ رأسهُ في الصَّلاةِ، وفي غيرِ الصَّلاةِ.
ورُوِي ذلك عن جماعةٍ من التّابِعِين، وكذلك قال مالكٌ (¬٥)، إذا كان في صلاةٍ، واختُلِف عنهُ إذا كان في غير صلاةٍ.
---------------
(¬١) في الأصل، م: "إنا"، والمثبت من د ٢.
(¬٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف بإثر رقم (٥٨٨٩).
(¬٣) في ي ١، ت: "أفضل".
(¬٤) زاد هنا في ي ١، ت: "فيها".
(¬٥) انظر: المدونة ١/ ٢٠٠.