كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

وكان الشّافِعيُّ وأحمدُ يقولانِ: يرفعُ يديهِ إذا أرادَ أن يسجُدَ (¬١).
قال الأثرمُ: وأُخبِرتُ عن أحمدَ، أنَّهُ كان يرفعُ يَدَيهِ في سُجُودِ القُرآنِ خلفَ الإمام في التَّراوِيح في رمضانَ. قال: وكان ابنُ سِيرِينَ ومُسلِمُ بن يَسارٍ يَرْفعانِ أيدِيَهُما في سُجُودِ التِّلاوةِ إذا كَبَّر (¬٢). وقال أحمدُ: يدخُلُ هذا في حديثِ وائلِ بن حُجرٍ، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَرْفعُ يَديهِ مع التَّكبِيرِ (¬٣). ثُمَّ قال: من شاءَ رفعَ، ومن شاءَ لم يَرْفع يديهِ هاهُنا.
وقال أبو الأحْوَصِ وأبو قِلابةَ وابنُ سيرِينَ وأبو عبدِ الرَّحمنِ السُّلمِيُّ: يُسلِّمُ إذا رفعَ رأسهُ من السُّجُودِ (¬٤). وبه قال إسحاقُ. قال: يُسلِّمُ عن يَمِينِهِ فقط: السَّلامُ عليكُم.
وقال إبراهيمُ النَّخعِيُّ والحسنُ البصرِيُّ وسعِيدُ بن جُبيرٍ ويحيى بن وثّابٍ: ليسَ في سجُودِ القُرآنِ تسلِيمٌ (¬٥).
وهُو قولُ مالكٍ، والشّافِعيِّ، وأبي حنِيفةَ وأصحابِهِم.
وقال أحمدُ بن حنبلٍ: أمّا التَّسلِيمُ، فلا أدرِي ما هُو.
فهذه أُصولُ مسائلِ السُّجُودُ، وبقِيت فُروعٌ تضبِطُها هذه الأُصُولُ (¬٦)، كرِهنا ذِكْرَها خشيةَ الإطالةِ على شَرْطِنا في الاعتِمادِ على الأُصُولِ والأُمَّهاتِ، وما في الأحادِيثِ المذكُورةِ من المعاني المُضمَّناتِ، والله المُعِينُ لا شرِيك لهُ.
---------------
(¬١) انظر: الأوسط لابن المنذر ٥/ ٢٨٧.
(¬٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٥٩٣٠)، وسنن البيهقي الكبرى ٢/ ٣٢٥.
(¬٣) سيأتي بإسناده في الحديث الثالث ليحيى بن سعيد، وهو في الموطأ ١/ ١٢٥ - ١٢٦ (١٩٨)، وانظر تخريجه في موضعه.
(¬٤) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٥٩٣٠ - ٥٩٣٢)، والأوسط لابن المنذر ٥/ ٢٨٨.
(¬٥) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٥٩٣٣)، والأوسط لابن المنذر ٥/ ٢٨٨.
(¬٦) قفز نظر ناسخ الأصل إلى لفظة "الأصول" الآتية فسقط ما بينهما.

الصفحة 87