كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 12)

ففي هذا دليلٌ، بل نصٌّ، أنْ لا نفقةَ للمَبتُوتةِ، إلّا أن تكونَ حامِلًا، فتكونَ لها النَّفقةُ بإجماع، لقولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦]. وفي هذا دليلٌ بيِّنٌ أنَّهُنَّ إن لم يَكُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ، لم يُنفق عليهنَّ، وفاطِمةُ بنتُ قَيْسٍ لم تكُن حامِلًا، فلهذا ما قال (¬١) رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نفقةَ لكِ".
واختلفَ أهلُ العِلم في النَّفقةِ للمَبتُوتةِ (¬٢)، فأباها قومٌ، وهُم (¬٣) أهلُ الحِجازِ، منهُم: مالكٌ، والشّافِعيُّ. وتابَعهُم على ذلك أحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ. وحُجَّتُهُم ظاهِرةٌ قوِيَّةٌ بهذا الحديثِ.
وقال آخرُونَ: لها النَّفقةُ.
وممَّن قال ذلك، أكثرُ فُقهاءِ العِراقِيِّين، منهُمُ: ابنُ شُبرُمةَ، وابنُ أبي ليلى، والثَّورِيُّ (¬٤)، والحسنُ بن صالح، وأبو حنِيفةَ وأصحابُهُ، وعُثمانُ البتِّيُّ، وعُبيدُ الله بن الحسنِ (¬٥).
وحُجَّتُهُم ما رُوِي عن عُمر وابنِ مسعُودٍ، أنَّهُما قالا: المُطلَّقةُ ثلاثًا لها السُّكْنَى والنَّفقةُ (¬٦).
---------------
(¬١) هكذا في النسخ، و"ما" هنا ليست نافية.
(¬٢) تفاصيل ذلك في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٣٩٩ (٩٠٥)، فمنه نقل المصنِّف هذه الأقوال والتي بعدها.
(¬٣) زاد هنا في الأصل: "من".
(¬٤) قوله: "والثوري" لم يرد في د ٢.
(¬٥) مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٣٩٩.
(¬٦) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٨٦٤٧، ١٨٦٥٥)، وشرح معاني الآثار للطحاوي ٣/ ٦٧ - ٦٨، والمعجم الكبير للطبراني ٩/ ٣٩٩ (٩٧٠٠).

الصفحة 96