كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

بِإِطْلَاقِ رُبْعِ دِينَارٍ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ يَجِبُ بِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ سَوَاءٌ كَانَ مَضْرُوبًا أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ جَيِّدًا كَانَ أَوْ رَدِيئًا وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ التَّرْجِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الزَّكَاةِ عَلَى ذَلِكَ وَأَطْلَقَ فِي السَّرِقَةِ فَجَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ بِالتَّعْمِيمِ هُنَا وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي الْمَضْرُوبِ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَيَّدَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ النَّقْلَ عَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَنْقُصُ بِالطَّبْعِ وَاسْتَدَلَّ بِالْقَطْعِ فِي الْمِجَنِّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقَطْعِ فِي كُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ قِيَاسًا وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادَ وَمَا أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ كَالْحِجَارَةِ وَاللَّبَنِ وَالْخَشَبِ وَالْمِلْحِ وَالتُّرَابِ وَالْكَلَإِ وَالطَّيْرِ وَفِيهِ رِوَايَةٌ عَنِ الْحَنَابِلَةِ وَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ فِي مِثْلِ السِّرْجِينِ الْقَطْعُ تَفْرِيعًا عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ وَفِي هَذَا تَفَارِيعُ أُخْرَى مَحَلُّ بسطها كتب الْفِقْه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الْحِدَيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي لَعْنِ السَّارِقِ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَيُقْطَعُ خَتَمَ بِهِ الْبَابَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ طَرِيقَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ أَنْ يُجْعَلَ حَدِيثُ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَصْلًا فَيُقْطَعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَكَذَا فِيمَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْمُرَادُ بِالْبَيْضَةِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهَا رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَكَذَا الْحَبْلُ فَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى تَرْجِيحِ مَا سَبَقَ مِنَ التَّأْوِيلِ الَّذِي نَقَلَهُ الْأَعْمَشُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْث فِيهِ

(قَوْلُهُ بَابُ تَوْبَةِ السَّارِقِ)
أَيْ هَلْ تُفِيدُهُ فِي رَفْعِ اسْمِ الْفِسْقِ عَنْهُ حَتَّى تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ أَوْ لَا وَقَدْ وَقَعَ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِذَا تَابَ السَّارِقُ وَقُطِعَتْ يَدُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ الْحُدُودِ إِذَا تَابَ أَصْحَابُهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَهُوَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْبُخَارِيُّ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الشَّهَادَاتِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَاذِفِ وَالسَّارِقِ فِي شَهَادَتِهِمَا وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ كُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ بِالتَّوْبَةِ قَالَ وَجَزَمَ بِهِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَرَوَى الرَّبِيعُ عَنْهُ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا لَا يَسْقُطُ وَعَنِ اللَّيْثِ وَالْحَسَنِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنَ الْحُدُودِ أَبَدًا قَالَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ يَسْقُطُ إِلَّا الشّرْب وَقَالَ

الصفحة 108