كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)
(قَوْلُهُ بَابٌ بِالتَّنْوِينِ سَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي وَيَجُوزُ مُضَافًا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ مَعَ سُكُونِ الْمِيمِ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ الْعُرَنِيِّينَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَيُّوبَ وَقَوْلُهُ فِيهِ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أُتِيَ بِهِمْ وَقَوْلُهُ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي أَوَّلِ الْمُحَارِبِينَ وَسَمَلَ بِاللَّامِ وَهُمَا بِمَعْنًى قَالَ بن التِّينِ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ عِيَاضٌ سَمَرَ الْعَيْنَ بِالتَّخْفِيفِ كَحَلَهَا بِالْمِسْمَارِ الْمَحْمِيِّ فَيُطَابِقُ السَّمْلَ فَإِنَّهُ فُسِّرَ بِأَنْ يُدْنَى مِنَ الْعَيْنِ حَدِيدَةٌ مُحْمَاةٌ حَتَّى يَذْهَبُ نَظَرُهَا فَيُطَابِقُ الْأَوَّلَ بِأَنْ تَكُونَ الْحَدِيدَةُ مِسْمَارًا قَالَ وَضَبَطْنَاهُ بِالتَّشْدِيدِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَفَسَّرُوا السَّمْلَ أَيْضًا بِأَنَّهُ فَقْءُ الْعَيْنِ بِالشَّوْكِ وَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادَ تَنْبِيهٌ أَشْكَلَ قَوْلُهُ فِي آيَةِ الْمُحَارِبِينَ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَاب عَظِيم مَعَ حَدِيثِ عُبَادَةَ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الدُّنْيَا كَانَ لَهُ كَفَّارَةً فَإِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ أَنَّ الْمُحَارِبَ يُجْمَعُ لَهُ الْأَمْرَانِ وَالْجَوَابُ أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْلِمِينَ بِدَلِيلِ أَنَّ فِيهِ ذِكْرَ الشِّرْكِ مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَيْهِ مِنَ الْمَعَاصِي فَلَمَّا حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا قُتِلَ عَلَى شِرْكِهِ فَمَاتَ مُشْرِكًا أَنَّ ذَلِكَ الْقَتْلَ لَا يَكُونُ كَفَّارَةً لَهُ قَامَ إِجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي كَانَ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِإِثْمِ مَعْصِيَتِهِ وَالَّذِي يَضْبِطُ ذَلِكَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَالله أعلم
الصفحة 112