كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

فَالتَّقْصِيرُ فِي تَرْكِ ذِكْرِ الْعُمْرَةِ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَأَمَّا قِصَّةُ مَاعِزٍ فَجَاءَتْ مِنْ طُرُقٍ مُتَنَوِّعَةٍ بِأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ لَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ جَلَدَ وَكَذَلِكَ الْغَامِدِيَّةُ وَالْجُهَنِيَّةُ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ فِي مَاعِزٍ اذْهَبُوا فَارْجُمُوهُ وَكَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَلْدَ فَدَلَّ تَرْكُ ذِكْرِهِ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ وَدَلَّ عَدَمُ وُقُوعِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَمِنَ الْمَذَاهِبِ الْمُسْتَغْرَبَةِ مَا حَكَاهُ بن الْمُنْذر وبن حزم عَن أبي بن كَعْب زَاد بن حزم وَأبي ذَر وبن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ خَاصٌّ بِالشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ وَأَمَّا الشَّابُّ فَيُجْلَدُ إِنْ لَمْ يُحْصَنْ وَيُرْجَمْ إِنْ أُحْصِنَ فَقَطْ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عُمَرَ فِي بَابِ رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَا وَقَالَ عِيَاضٌ شَذَّتْ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَقَالَتِ الْجَمْعُ عَلَى الشَّيْخِ الثَّيِّبِ دُونَ الشَّابِّ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ كَذَا قَالَهُ وَنَفَى أَصْلَهُ وَوَصْفَهُ بِالْبُطْلَانِ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ طَرِيقَهُ فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ فِي بَابِ الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ دَلِيلَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْآيَةَ وَرَدَتْ بِلَفْظِ الشَّيْخِ فَفَهِمَ هَؤُلَاءِ مِنْ تَخْصِيصِ الشَّيْخِ بِذَلِكَ أَنَّ الشَّابَّ أَعْذَرُ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ فَهُوَ مَعْنًى مُنَاسِبٌ وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ فَكَيْفَ يُوصَفُ بِالْبُطْلَانِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ وَاعْتَلَّ بِأَنَّ التِّلَاوَةَ مَعَ حُكْمِهَا كَالْعِلْمِ مَعَ الْعَالَمِيَّةِ فَلَا يَنْفَكَّانِ وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ فَإِنَّ الْعَالَمِيَّةَ لَا تُنَافِي قِيَامَ الْعِلْمِ بِالذَّاتِ سَلَّمْنَا لَكِنَّ التِّلَاوَةَ أَمَارَةُ الْحُكْمِ فَيَدُلُّ وُجُودُهَا عَلَى ثُبُوتِهِ وَلَا دَلَالَةَ مِنْ مُجَرَّدِهَا عَلَى وُجُوبِ الدَّوَامِ فَلَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الْأَمَارَةِ فِي طَرَفِ الدَّوَامِ انْتِفَاءُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ فَإِذا نسخت التِّلَاوَة لم يَنْتَفِ الْمَدْلُولُ وَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ الْحَدِيثُ الثَّانِي

[6813] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ وَهُوَ بن شاهين الوَاسِطِيّ وخَالِد هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ وَالشَّيْبَانِيُّ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ سُلَيْمَانُ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ قَوْلُهُ قَبْلَ سُورَةِ النُّورِ أَمْ بَعْدُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَمْ بَعْدَهَا وَفَائِدَةُ هَذَا السُّؤَالِ أَنَّ الرَّجْمَ إِنْ كَانَ وَقَعَ قَبْلَهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُدَّعَى نَسْخُهُ بِالتَّنْصِيصِ فِيهَا عَلَى أَنَّ حَدَّ الزَّانِي الْجَلْدُ وَإِنْ كَانَ وَقَعَ بَعْدَهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى نَسْخِ الْجَلْدِ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ نَسْخِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ نَسْخُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ إِذَا جَاءَتْ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَأَمَّا السُّنَّةُ الْمَشْهُورَةُ فَلَا وَأَيْضًا فَلَا نَسْخَ وَإِنَّمَا هُوَ مُخَصَّصٌ بِغَيْرِ الْمُحْصَنِ قَوْلُهُ لَا أَدْرِي يَأْتِي بَيَانُهُ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الرَّجْمَ وَقَعَ بَعْدَ سُورَةِ النُّورِ لِأَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَالرَّجْمُ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ حَضَرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا أسلم سنة سبع وبن عَبَّاسٍ إِنَّمَا جَاءَ مَعَ أُمِّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ سَنَةَ تِسْعٍ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ

[6814] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ أَخْبَرَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ قَوْلُهُ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ أَخْبَرَنِي قَوْلُهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَيْ مِنْ بَنِي أَسْلَمَ الْقَبِيلَةِ الْمَشْهُورَةِ وَاسْمُ هَذَا الرَّجُلِ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ كَمَا سَيَأْتِي مُسَمّى عَن بن عَبَّاس بعد سَبْعَة أَبْوَاب

الصفحة 120