كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

الْمَذْكُورِ فَقَالَ أَنِكْتَهَا لَا يَكْنِي بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ الْكَافِ مِنَ الْكِنَايَةِ أَيْ أَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا اللَّفْظَ صَرِيحًا وَلَمْ يَكْنِ عَنْهُ بِلَفْظٍ آخَرَ كَالْجِمَاعِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْمَعَ بِأَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ ذِكْرِ الْجِمَاعِ بِأَنَّ الْجِمَاعَ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مُجَرَّدِ الِاجْتِمَاعِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ أَنِكْتَهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ حَتَّى دَخَلَ ذَلِكَ مِنْكَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَدْرِي مَا الزِّنَا قَالَ نَعَمْ أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ حَلَالًا قَالَ فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ تُطَهِّرُنِي فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ وَقَبْلَهُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ هُنَا هَلْ أَدْخَلْتَهُ وأخرجته قَالَ نعم قَوْله قَالَ بن شِهَابٍ هُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ صَرَّحَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِمَا بِأَنَّهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَكَأَنَّ الْحَدِيثَ كَانَ عِنْدَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ عَنْ جَابِرٍ قَوْلُهُ فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالْمُصَلَّى وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَمَا أَوْثَقْنَاهُ وَلَا حَفَرْنَا لَهُ قَالَ فَرَمَيْنَاهُ بِالْعِظَامِ وَالْمَدَرِ وَالْخَزَفِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ وَبِالْفَاءِ وَهِيَ الْآنِيَةُ الَّتِي تُتَّخَذُ مِنَ الطِّينِ الْمَشْوِيِّ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ مَا تَكَسَّرَ مِنْهَا قَوْلُهُ فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ اللَّامِ بَعْدَهَا قَافٌ أَيْ أَقْلَقَتْهُ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الذَّلَقُ بِالتَّحْرِيكِ الْقَلَقُ وَمِمَّنْ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَذْلَقَتْهُ بَلَغَتْ مِنْهُ الْجَهْدَ حَتَّى قَلِقَ يُقَالُ أَذْلَقَهُ الشَّيْءُ أَجْهَدَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ أَصَابَتْهُ بِحَدِّهَا وَمِنْهُ انْذَلَقَ صَارَ لَهُ حَدٌّ يقطع قَوْله هرب فِي رِوَايَة بن مُسَافِرٍ جَمَزَ بِجِيمٍ وَمِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ زَايٍ أَيْ وَثَبَ مُسْرِعًا وَلَيْسَ بِالشَّدِيدِ الْعَدْوِ بَلْ كَالْقَفْزِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَاشْتَدَّ وَأَسْنَدَ لَنَا خَلْفَهُ قَوْلُهُ فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ زَادَ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ حَتَّى مَاتَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ حَتَّى أَتَى عُرْضَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ جَانِبَ الْحَرَّةِ فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِ الْحَرَّةِ حَتَّى سَكَتَ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ فَرَّ يَشْتَدُّ حَتَّى مَرَّ بِرَجُلٍ مَعَهُ لَحْيُ جَمَلٍ فَضَرَبَهُ وَضَرَبَهُ النَّاسُ حَتَّى مَاتَ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَوَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ فَخَرَجَ يَشْتَدُّ فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَقَدْ عَجَزَ أَصْحَابُهُ فَنَزَعَ لَهُ بِوَظِيفِ بَعِيرٍ فَرَمَاهُ فَقَتَلَهُ وَهَذَا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ ظَاهِرَ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ ضَرَبُوهُ مَعَهُ لَكِنْ يُجْمَعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا فَقَتَلَهُ أَيْ كَانَ سَبَبًا فِي قَتْلِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَضَرَبَ سَاقَهُ فَصَرَعَهُ وَرَجَمُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ وَالْوَظِيفُ بِمُعْجَمَةٍ وَزْنَ عَظِيمٍ خُفُّ الْبَعِيرِ وَقِيلَ مُسْتَدَقُّ الذِّرَاعِ وَالسَّاقِ مِنَ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَانْتَهَى إِلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ فَتَوَسَّدَ يَمِينَهُ حَتَّى قُتِلَ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى حَائِطٍ يَبْلُغُ صَدْرَهُ فَذَهَبَ يَثِبُ فَرَمَاهُ رَجُلٌ فَأَصَابَ أَصْلَ أُذُنِهِ فَصُرِعَ فَقَتَلَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ اسْتَمَرَّ عَلَى طَلَبِ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ مَعَ تَوْبَتِهِ لِيَتِمَّ تَطْهِيرُهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ إِقْرَارِهِ مَعَ أَنَّ الطَّبْعَ الْبَشَرِيَّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَسْتَمِرُّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا يَقْتَضِي إِزْهَاقَ نَفْسِهِ فَجَاهَدَ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوِيَ عَلَيْهَا وَأَقَرَّ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ إِلَى إِقَامَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالشَّهَادَةِ مَعَ وُضُوحِ الطَّرِيقِ إِلَى سَلَامَتِهِ مِنَ الْقَتْلِ بِالتَّوْبَةِ وَلَا يُقَالُ لَعَلَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْحَدَّ بَعْدَ أَنْ يُرْفَعَ لِلْإِمَامِ يَرْتَفِعُ بِالرُّجُوعِ لِأَنَّا نَقُولُ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ أَنْ يُبْرِزَ أَمْرَهُ فِي صُورَةِ الِاسْتِفْتَاءِ فَيَعْلَمَ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَسْأَلَةِ وَيَبْنِيَ عَلَى مَا يُجَابُ بِهِ وَيَعْدِلَ عَنِ الْإِقْرَارِ إِلَى ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَضِيَّتِهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وَقَعَ فِي مِثْلِ قَضِيَّتِهِ

الصفحة 124