كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

وَإِنْ لَمْ تُحْصَنْ قَوْلُهُ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ زَوَانِي وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ أَخِلَّاءَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّشْدِيدِ جَمْعُ خَلِيلٍ وَهَذَا التَّفْسِيرُ ثَبَتَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده وَقد أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَالْمُسَافِحَاتُ جَمْعُ مُسَافِحَةٍ مَأْخُوذٌ مِنَ السِّفَاحِ وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الزِّنَا وَالْأَخْدَانُ جَمْعُ خِدْنٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَهُوَ الْخَدِينُ وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّاحِبُ قَالَ الرَّاغِبُ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَنْ يُصَاحِبُ غَيْرَهُ بِشَهْوَةٍ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِرِ فِي الْمَدْحِ خَدِينُ الْمَعَالِي فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ قُلْت وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّهُ جَعَلَهُ يَشْتَهِي مَعَالِيَ الْأُمُورِ كَمَا يَشْتَهِي غَيْرُهُ الصُّورَةَ الْجَمِيلَةَ فَجَعَلَهُ خَدِينًا لَهَا وَقَالَ غَيْرُهُ الْخَدِينُ الْخَلِيلُ فِي السِّرِّ

(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ)
أَيْ مَا يَكُونُ حُكْمُهَا وَسَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِلْأَصِيلِيِّ وَجرى على ذَلِك بن بَطَّالٍ وَصَارَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِيهَا حَدِيثَ الْبَابِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا وَلَكِنَّ صَرَّحَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّ الْبَابَ الَّذِي قَبْلَهَا لَا حَدِيثَ فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ نَظِيرِهِ وَأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَخْلَى بَيَاضًا فِي الْمُسَوَّدَةِ فَسَدَّهُ النُّسَّاخُ بَعْدَهُ وَإِمَّا أَن يكون اكْتفى بِالْآيَةِ وتأويلها عَن الحَدِيث الْمَرْفُوعِ وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ لِكَثْرَةِ وُجُودِ مِثْلِهِ فِي الْكِتَابِ

[6837] قَوْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ سَبَقَ التَّنْبِيهُ فِي شَرْحِ قِصَّةِ الْعَسِيفِ عَلَى أَنَّ الزُّبَيْدِيَّ وَيُونُسَ زَادَا فِي رِوَايَتِهِمَا لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ شِبْلَ بْنَ خَلِيل أَو بن حَامِدٍ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ مُفَصَّلًا قَوْلُهُ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ جَارِيَتِي زَنَتْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا قَالَ اجْلِدْهَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ قَوْلُهُ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنِ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الْإِحْصَانِ قَالَ بن بَطَّالٍ زَعَمَ مَنْ قَالَ لَا جَلْدَ عَلَيْهَا قَبْلَ التَّزْوِيجِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ تُحْصَنْ غَيْرُ مَالِكٍ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا فَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَن بن شِهَابٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَكَذَا رَوَاهُ طَائِفَةٌ عَن بن عُيَيْنَةَ عَنْهُ قُلْتُ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أخرجهَا النَّسَائِيّ وَرِوَايَة بن عُيَيْنَةَ تَقَدَّمَتْ فِي الْبُيُوعِ لَيْسَ فِيهَا وَلَمْ تُحْصَنْ وَزَادَهَا النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْحَارِثِ بن مِسْكين عَن بن عُيَيْنَةَ بِلَفْظِ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ تَزْنِي قَبْلَ أَن تحصن وَكَذَا عِنْد بن مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بن الصَّباح كِلَاهُمَا عَن بن عُيَيْنَة وَقد رَوَاهُ عَن بن شِهَابٍ أَيْضًا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَتُهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي بَابِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَكَذَا أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هُنَاكَ بِدُونِهَا وَسَيَأْتِي قَرِيبًا أَيْضًا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِهَا فَهُوَ مِنَ الْحُفَّاظِ وَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ وَقَدْ سَبَقَ الْجَوَابُ عَنْ مَفْهُومِهَا قَوْلُهُ قَالَ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا قِيلَ أَعَادَ الزِّنَا فِي الْجَوَابِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْإِحْصَانِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَأَنَّ مُوجِبَ الْحَدِّ فِي الْأَمَةِ مُطْلَقُ الزِّنَا وَمَعْنَى اجْلِدُوهَا الْحَدُّ اللَّائِقُ بِهَا الْمُبَيَّنُ فِي الْآيَةِ وَهُوَ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّة وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ

الصفحة 162