كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

وَأَظُنُّهُ مِنْ جِهَةِ انْفِرَادِ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بِهَا فَقَدْ رَوَاهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ وَغَيْرُهُمَا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ قَتَلَ عَامِدًا بِغَيْرِ حَقٍّ تَزَوَّدْ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ فَإِنَّكَ لَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ زَوَالُ الدُّنْيَا كُلِّهَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ لَقَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا قَالَ بن الْعَرَبِيِّ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْبَهِيمَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْوَعِيدُ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ بِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَكيف بِالْمُسلمِ فَكَيْفَ بِالتَّقِيِّ الصَّالِحِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ

[6864] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ الْأَعْمَشِ هَذَا السَّنَدُ يَلْتَحِقُ بِالثُّلَاثِيَّاتِ وَهِيَ أَعْلَى مَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَهَذَا فِي حُكْمِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَعْمَشَ تَابِعِيٌّ وَإِنْ كَانَ رَوَى هَذَا عَنْ تَابِعِيٍّ آخَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ التَّابِعِيَّ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ صُحْبَةٌ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَوَاخِرِ الرِّقَاقِ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ وَهُوَ أَبُو وَائِلٍ الْمَذْكُورُ قَالَ سَمِعت عبد الله وَهُوَ بن مَسْعُودٍ قَوْلُهُ أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ ذَكَرْتُ شَرْحَهُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَطَرِيقَ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْمَرْءُ صَلَاتُهُ وَنُنَبِّهُ هُنَا عَلَى أَنَّ النَّسَائِيَّ أخرجهُمَا فِي حَدِيث وَاحِد أوردهُ من طَرِيق أبي وَائِل عَن بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ وَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَوْصُولَةٌ وَهُوَ مَوْصُولٌ حَرْفِيٌّ وَيَتَعَلَّقُ الْجَارُّ بِمَحْذُوفٍ أَيْ أَوَّلُ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْقَضَاءُ فِي الدِّمَاءِ أَيْ فِي الْأَمْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدِّمَاءِ وَفِيهِ عِظَمُ أَمْرِ الْقَتْلِ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ إِنَّمَا يَقَعُ بِالْأَهَمِّ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَخْتَصُّ بِالنَّاسِ وَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْبَهَائِمِ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ مَفَادَهُ حَصْرُ الْأَوَّلِيَّةِ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ وَلَيْسَ فِيهِ نفي الْقَضَاء بَين الْبَهَائِم مثلا بَعْدَ الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ

[6865] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ هُوَ اللَّيْثِيُّ وَعُبَيْدُ الله بالصغير هُوَ بن عدي أَي بن الْخِيَارِ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ النَّوْفَلِيُّ لَهُ إِدْرَاكٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ والمقداد بن عَمْرو هُوَ الْمَعْرُوف بن الْأَسْوَدِ قَوْلُهُ إِنْ لَقِيتُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ إِنِّي لَقِيتُ كَافِرًا فَاقْتَتَلْنَا فَضَرَبَ يَدِي فَقَطَعَهَا وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ وَالَّذِي فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِهِ وَإِنَّمَا سَأَلَ الْمِقْدَادَ عَنِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ بِلَفْظِ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الْكُفَّارِ الْحَدِيثَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْأَكْثَرِ قَوْلُهُ ثُمَّ لَاذَ بِشَجَرَةٍ أَيِ الْتَجَأَ إِلَيْهَا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ وَالشَّجَرَةُ مِثَالٌ قَوْلُهُ وَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَيْ دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ الْقَتْلُ لَيْسَ سَبَبًا لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْآخَرِ لَكِنْ عِنْدَ النُّحَاةِ مُؤَوَّلٌ بِالْإِخْبَارِ أَيْ هُوَ سَبَبٌ لِإِخْبَارِي لَكَ بِذَلِكَ وَعِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ الْمُرَادُ لَازِمُهُ كَقَوْلِهِ يُبَاحُ دَمُكَ إِنْ عَصَيْتَ قَوْلُهُ وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكَافِرَ مُبَاحُ الدَّمِ بِحُكْمِ الدِّينِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَإِذَا أَسْلَمَ صَارَ مُصَانَ الدَّمِ كَالْمُسْلِمِ فَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ دَمُهُ مُبَاحًا بِحَقِّ الْقِصَاصِ كَالْكَافِرِ بِحَقِّ الدِّينِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِلْحَاقَهُ فِي الْكُفْرِ كَمَا تَقَوَّلَهُ الْخَوَارِجُ مِنْ تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِ بِالْكَبِيرَةِ وَحَاصِلُهُ اتِّحَادُ الْمَنْزِلَتَيْنِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَأْخَذِ فَالْأَوَّلُ أَنَّهُ مِثْلُكَ فِي صَوْنِ الدَّمِ وَالثَّانِي أَنَّكَ مِثْلُهُ فِي الهدر وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ قَالَ مَعْنَاهُ إِنَّكَ صِرْتَ قَاتِلًا كَمَا كَانَ هُوَ قَاتِلًا قَالَ وَهَذَا مِنَ الْمَعَارِيضِ لِأَنَّهُ

الصفحة 189