كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)
(قَوْلُهُ بَابُ قَتْلِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِيِّ وَالْجَارِيَةِ بِاخْتِصَارٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى قَرِيبًا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ وَاضِحٌ وَلَمَّحَ بِهِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ قَوْلُهُ بَابُ الْقِصَاصِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْجِرَاحَات قَالَ بن الْمُنْذِرِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةَ بِالرَّجُلِ إِلَّا رِوَايَةً عَنْ عَلِيٍّ وَعَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْيَدَ الصَّحِيحَةَ لَا تُقْطَعُ بِالْيَدِ الشَّلَّاءِ بِخِلَافِ النَّفْسِ فَإِنَّ النَّفْسَ الصَّحِيحَةَ تقاد بالمريضة اتِّفَاقًا وَأجَاب بن الْقَصَّارِ بِأَنَّ الْيَدَ الشَّلَّاءَ فِي حُكْمِ الْمَيِّتَةِ والحي لَا يُقَاد بِالْمَيتِ وَقَالَ بن الْمُنْذِرِ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا دُونَهَا وَجَبَ رَدُّ الْمُخْتَلَفِ إِلَى الْمُتَّفَقِ قَوْلُهُ وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ الْمُرَادُ الْجُمْهُورُ أَوْ أَطْلَقَ إِشَارَةً إِلَى وَهْيِ الطَّرِيقِ إِلَى عَلِيٍّ أَوْ إِلَى أَنَّهُ مِنْ نُدْرَةِ الْمُخَالِفِ قَوْلُهُ وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ تُقَادُ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ فِي كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَهَا مِنَ الْجِرَاحِ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانَ فِيمَا جَاءَ بِهِ عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ إِلَى شُرَيْحٍ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ قَالَ جُرْحُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ النَّخَعِيُّ سَمعه من شُرَيْح وَقد أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ أَتَانِي عُرْوَةُ فَذَكَرَهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ تُقَادُ يُقْتَصُّ مِنْهَا إِذَا قَتَلَتِ الرَّجُلَ وَيُقْطَعُ عُضْوُهَا الَّذِي تَقْطَعُهُ مِنْهُ وَبِالْعَكْسِ قَوْلُهُ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِبْرَاهِيم وَأَبُو الزِّنَاد عَن أَصْحَابه أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالُوا الْقِصَاصُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْعَمْدِ سَوَاءٌ وَأَخْرَجَ الْأَثْرَمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ الْقِصَاصُ فِيمَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ حَتَّى فِي النَّفْسِ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ فُقَهَائِنَا وَذَكَرَ السَّبْعَةَ فِي مَشْيَخَةٍ سَوَّاهُمْ أَهْلَ فِقْهٍ وَفضل وَدين قَالَ وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ فَأَخَذْنَا بِقَوْلِ أَكْثَرِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ رَأْيًا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ الْمَرْأَةُ تُقَادُ مِنَ الرَّجُلِ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَأُذُنًا بِأُذُنٍ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْجِرَاحِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّ مَنْ قَتَلَهَا قُتِلَ بِهَا قَوْلُهُ وَجَرَحَتْ أُخْتُ الرُّبَيِّعِ إِنْسَانًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِصَاصَ كَذَا لَهُمْ وَوَقَعَ لِلنَّسَفِيِّ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا عِنْدَ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ قَالَ أَبُو ذَرٍّ كَذَا وَقَعَ هُنَا وَالصَّوَابُ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ عَمَّةُ أَنَسٍ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ قِيلَ إِنَّ
الصفحة 214