كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ هَلْ يُعَاقَبُ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةٍ يُعَاقَبُونَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَفِي أُخْرَى بِحَذْفِ النُّونِ وَهِيَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ أَيْ إِذَا قَتَلَ أَوْ جَرَحَ جَمَاعَةٌ شَخْصًا وَاحِدًا هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ يَتَعَيَّنُ وَاحِدًا لِيُقْتَصَّ مِنْهُ وَيُؤْخَذَ مِنَ الْبَاقِينَ الدِّيَةُ فَالْمُرَادُ بِالْمُعَاقَبَةِ هُنَا الْمُكَافَأَةُ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى قَول بن سِيرِينَ فِيمَنْ قَتَلَهُ اثْنَانِ يُقْتَلُ أَحَدُهُمَا وَيُؤْخَذُ مِنَ الْآخَرِ الدِّيَةُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ بَقِيَّةُ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ عَشَرَةٌ فَقُتِلَ وَاحِدٌ أُخِذَ مِنَ التِّسْعَةِ تُسْعُ الدِّيَةِ وَعَنْ الشَّعْبِيِّ يَقْتُلُ الْوَلِيَّ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ إِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَيَعْفُو عَمَّنْ بَقِيَ وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ يَسْقُطُ الْقَوَدُ وَيَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ حُكِيَ عَنْ رَبِيعَةَ وَأَهْلِ الظَّاهِر وَقَالَ بن بطال جَاءَ عَن مُعَاوِيَة وبن الزبير وَالزهْرِيّ مثل قَول بن سِيرِينَ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّفْسَ لَا تَتَبَعَّضُ فَلَا يَكُونُ زَهُوقُهَا بِفِعْلِ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ قَاتِلًا وَمِثْلُهُ لَوِ اشْتَرَكُوا فِي رَفْعِ حَجَرٍ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَفَعَ بِخِلَافِ مَا لَوِ اشْتَرَكُوا فِي أَكْلِ رَغِيفٍ فَإِنَّ الرَّغِيفَ يَتَبَعَّضُ حِسًّا وَمَعْنًى قَوْلُهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ إِلَخْ وَصَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا عَلِيًّا فَشَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَتَيَاهُ بِآخَرَ فَقَالَا هَذَا الَّذِي سَرَقَ وَأَخْطَأْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَلَمْ يُجِزْ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَأَغْرَمَهُمَا دِيَةَ الْأَوَّلِ وَقَالَ لَوْ أعلم أنكما تعمدتما لقطعتكما وَلم أَقِفْ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَلَا عَلَى اسْمِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا وَعُرِفَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُجِزْ شَهَادَتَيْهِمَا عَلَى الْآخَرِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَأَبْطَلَ شَهَادَتَهُمَا فَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ حَمَلَ الْإِبْطَالَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا مَعًا الْأُولَى لِإِقْرَارِهِمَا فِيهَا بِالْخَطَإِ وَالثَّانِيَةُ لِكَوْنِهِمَا صَارَا مُتَّهَمَيْنِ وَوَجْهُ التَّعَقُّبِ أَنَّ اللَّفْظَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى عينت أحد الِاحْتِمَالَيْنِ قَوْله وَقَالَ لي بن بَشَّارٍ هُوَ مُحَمَّدٌ الْمَعْرُوفُ بِبُنْدَارٍ وَيَحْيَى هُوَ الْقطَّان وَعبيد الله هُوَ بن عمر الْعمريّ قَوْله أَن غُلَاما قتل غِيلَةً بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ سِرًّا فَقَالَ عُمَرُ لَوِ اشْتَرَكَ فِيهَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِيهِ وَهُوَ أَوْجَهٌ وَالتَّأْنِيثُ عَلَى إِرَادَةِ النَّفْسِ وَهَذَا الْأَثَرُ مَوْصُولٌ إِلَى عُمَرَ بِأَصَحِّ إِسْنَادٍ وَقد أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ نَافِعٍ وَلَفْظُهُ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ

الصفحة 227