كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)
فَقَالَ يَا قَنْبَرُ اخْرُجْ فَاجْلِدْ هَذَا فَجَاءَ الْمَجْلُودُ فَقَالَ إِنَّهُ زَادَ عَلَيَّ ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ فَقَالَ صَدَقَ قَالَ خُذِ السَّوْطَ فَاجْلِدْهُ ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ ثُمَّ قَالَ يَا قَنْبَرُ إِذَا جَلَدْتَ فَلَا تَتَعَدَّ الْحُدُودَ وَأَمَّا أَثَرُ شُرَيْحٍ فَوَصَلَهُ بن سَعْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ أَقِدْنِي مِنْ جِلْوَازِكَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ ازْدَحَمُوا عَلَيْكَ فضربته سَوْطًا فأقاده مِنْهُ وَمن طَرِيق بن سِيرِينَ قَالَ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ يَعْنِي شُرَيْحًا عَبْدٌ جَرَحَ حُرًّا فَقَالَ إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ مِنْهُ وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ أَقَادَ مِنْ لَطْمَةٍ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ أَقَادَ مِنْ لَطْمَةٍ وَخُمُوشٍ وَالْخُمُوشُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةُ الْخُدُوشُ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ وَالْخُمَاشَةُ مَا لَيْسَ لَهُ أَرْشٌ مَعْلُومٌ مِنَ الْجِرَاحَةِ وَالْجِلْوَازُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَآخِرُهُ زَايٌ هُوَ الشُّرْطِيُّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ حَمْلُ الْجِلَازِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِاللَّامِ الْخَفِيفَةِ وَهُوَ السَّيْرُ الَّذِي يُشَدُّ فِي السَّوْطِ وَعَادَةُ الشُّرْطِيِّ أَنْ يَرْبِطَهُ فِي وَسطه قَالَ بن بَطَّالٍ جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ نَحْوُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَطَائِفَة من أهل الحَدِيث وَقَالَ اللَّيْث وبن الْقَاسِمِ يُقَادُ مِنَ الضَّرْبِ بِالسَّوْطِ وَغَيْرِهِ إِلَّا اللَّطْمَةَ فِي الْعَيْنِ فَفِيهَا الْعُقُوبَةُ خَشْيَةً عَلَى الْعَيْنِ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لَا قَوَدَ فِي اللَّطْمَةِ إِلَّا إِنْ جَرَحَتْ فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَالسَّبَبُ فِيهِ تَعَذُّرُ الْمُمَاثَلَةِ لِافْتِرَاقِ لَطْمَتَيِ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ فَيَجِبُ التَّعْزِيرُ بِمَا يَلِيقُ باللاطم وَقَالَ بن الْقَيِّمِ بَالَغَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ الْقَوَدِ فِي اللَّطْمَةِ وَالضَّرْبَةِ وَإِنَّمَا يَجِبُ التَّعْزِيرُ وَذَهِلَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِجَرَيَانِ الْقَوَدِ فِي ذَلِكَ ثَابِتٌ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ إِجْمَاعًا وَهُوَ مُقْتَضَى إِطْلَاقِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي اللُّدُودِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ الْقِصَاصِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الْقِصَاصِ لَكِنَّ
[6897] قَوْلَهُ فِي آخِرِهِ إِلَّا الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ فَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ فَعَلَهُ قِصَاصًا لَا تأديبا قَالَ بن بَطَّالٍ هُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ يُقَادُ مِنَ اللَّطْمَةِ وَالسَّوْطِ يَعْنِي وَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ الْقِصَاصِ مِنَ الْجَمَاعَةِ لِلْوَاحِدِ لَيْسَتْ ظَاهِرَةً وَأجَاب بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ إِجْرَاءِ الْقِصَاصِ فِي الْأُمُورِ الْحَقِيرَةِ وَلَا يُعْدَلُ فِيهَا عَنِ الْقِصَاصِ إِلَى التَّأْدِيبِ فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُشْتَرِكِينَ فِي الْجِنَايَةِ سَوَاءٌ قَلُّوا أَمْ كَثُرُوا فَإِنَّ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمْ عَظِيمٌ مَعْدُودٌ مِنَ الْكَبَائِرِ فَكَيْفَ لَا يَجْرِي فِيهِ الْقصاص وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى
الصفحة 229