كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)
(قَوْلُهُ بَابُ الْقَسَامَةِ)
بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ مَصْدَرُ أَقْسَمَ قَسَمًا وَقَسَامَةً وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ إِذَا ادَّعَوُا الدَّمَ أَوْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمُ الدَّمُ وَخُصَّ الْقَسَمُ عَلَى الدَّمِ بِلَفْظِ الْقَسَامَةِ وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْقَسَامَةُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ يُقْسِمُونَ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ اسْمٌ لِلْأَيْمَانِ وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ الْقَسَامَةُ الْجَمَاعَةُ يُقْسِمُونَ عَلَى الشَّيْءِ أَوْ يَشْهَدُونَ بِهِ وَيَمِينُ الْقَسَامَةِ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِمْ ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى الْأَيْمَانِ نَفْسِهَا قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا تَامًّا فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ثُمَّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مَعَ شَرْحِهِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِهِ هُنَا إِلَى تَرْجِيحِ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الَّذِي يَبْدَأُ فِي يَمِينِ الْقَسَامَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ قَوْله وَقَالَ بن أَبِي مُلَيْكَةَ لَمْ يُقَدْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالْقَافُ من أَفَادَ إِذَا اقْتَصَّ وَقَدْ وَصَلَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي مُصَنفه وَمن طَرِيقه بن الْمُنْذر قَالَ حَمَّاد عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ سَأَلَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْقَسَامَةِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزبير أقاد بهَا وَأَن مُعَاوِيَة يعْنى بن أَبِي سُفْيَانَ لَمْ يُقِدْ بِهَا وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيح وَقد توقف بن بَطَّالٍ فِي ثُبُوتِهِ فَقَالَ قَدْ صَحَّ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ أَقَادَ بِهَا ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو الزِّنَادِ فِي احْتِجَاجِهِ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ قُلْتُ هُوَ فِي صَحِيفَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَلَا لَطْخٌ فَأَجْمَعَ رَأْيُ النَّاسِ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ وُلَاةَ الْمَقْتُولِ ثُمَّ يُسَلَّمُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُوهُ فَرَكِبْتُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ إِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ حَقًّا فَافْعَلْ مَا ذَكَرُوهُ فَدَفَعْتُ الْكِتَابَ إِلَى سَعِيدٍ فَأَحْلَفَنَا خَمْسِينَ يَمِينًا ثُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْنَا قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يُقِدْ بِهَا لَمَّا وَقَعَتْ لَهُ وَكَانَ الْحَكَمَ فِي ذَلِكَ وَلَمَّا وَقَعَتْ لِغَيْرِهِ وَكَّلَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ وَنُسِبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَقَادَ بِهَا لِكَوْنِهِ أَذِنَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَمَسَّكَ مَالِكٌ بِقَوْلِ خَارِجَةَ الْمَذْكُورِ فَأَطْلَقَ أَنَّ الْقَوَدَ بِهَا إِجْمَاعٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوِيَةُ كَانَ يَرَى الْقَوَدَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ أَو
الصفحة 231