كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)
فِي رِوَايَةِ عَفَّانَ عَنْ وُهَيْبٍ بِاللَّامِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ التَّنْوِينِ وَسَائِرَ الرِّوَايَاتِ بِغُرَّةٍ وَمِنْهَا رِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ بِلَفْظِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِيهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ قَوْلُهُ فَشَهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ كَذَا فِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ مُخْتَصَرًا وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ فَقَالَ عُمَرُ مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ فَقَامَ مُحَمَّدٌ فَشَهِدَ بِذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ فَقَالَ ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ فَجَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَشَهِدَ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَا تَبْرَحْ حَتَّى تَجِيءَ بِالْمُخَرِّجِ مِمَّا قُلْتَ قَالَ فَخَرَجْتُ فَوَجَدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَجِئْتُ بِهِ فَشَهِدَ مَعِي أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ هُوَ بن عُرْوَةَ وَهَذَا فِي حُكْمِ الثُّلَاثِيَّاتِ لِأَنَّ هِشَامًا تَابِعِيٌّ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى أَيْضًا عَنِ الْأَعْمَشِ فِي أَوَّلِ الدِّيَاتِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ هَذَا صُورَتُهُ الْإِرْسَالُ لَكِنْ تَبَيَّنَ مِنَ الرِّوَايَةِ السَّابِقَة واللاحقة ان عُرْوَة حمله عَن المغير ة وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَفِي عُدُولِ الْبُخَارِيِّ عَنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ إِشَارَةٌ إِلَى تَرْجِيحِ رِوَايَةِ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَهُمُ الْأَكْثَرُ قَوْلُهُ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَلِغَيْرِهِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بِالْوَاوِ قَوْلُهُ ائْتِ بِمَنْ يَشْهَدُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِصِيغَةِ فِعْلِ الْأَمْرِ مِنَ الْإِتْيَانِ وَحُذِفَتْ عِنْدَ بَعْضِهِمُ الْبَاءُ مِنْ قَوْلِهِ بِمَنْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِأَلِفٍ مَمْدُودَةٍ ثُمَّ نُونٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ بِصِيغَةِ اسْتِفْهَامِ الْمُخَاطَبِ عَلَى إِرَادَةِ الِاسْتِثْبَاتِ أَيْ أَنْتَ تَشْهَدُ ثُمَّ اسْتَفْهَمَهُ ثَانِيًا مَنْ يَشْهَدُ مَعَك قَوْله فِي طَرِيق الثَّالِث حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الذُّهْلِيُّ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقٍ بن خُزَيْمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَابِقٍ وَكَلَامُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ نَفْسِهِ بِلَا وَاسِطَةٍ قَوْلُهُ أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ مثله يَعْنِي مثل رِوَايَة وهيب قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي إِثْبَاتِ دِيَةِ الْجَنِينِ وَأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ غُرَّةٌ إِمَّا عَبْدٌ وَإِمَّا أَمَةٌ وَذَلِكَ إِذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ وَتَصَرَّفَ الْفُقَهَاءُ بِالتَّقْيِيدِ فِي سِنِّ الْغُرَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتِشَارَةُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ أَصْلٌ فِي سُؤَالِ الْإِمَامِ عَنِ الْحُكْمِ إِذَا كَانَ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ شَكٌّ أَوْ أَرَادَ الِاسْتِثْبَاتَ وَفِيهِ أَنَّ الْوَقَائِعَ الْخَاصَّةَ قَدْ تَخْفَى عَلَى الْأَكَابِرِ وَيَعْلَمُهَا مَنْ دُونَهُمْ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى الْمُقَلِّدِ إِذَا اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ يُخَالِفُهُ فَيُجِيبُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَعَلِمَهُ فُلَانٌ مَثَلًا فَإِنَّ ذَلِكَ إِذَا جَازَ خَفَاؤُهُ عَنْ مِثْلِ عُمَرَ فَخَفَاؤُهُ عَمَّنْ بَعْدَهُ أَجْوَزُ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِقَوْلِ عُمَرَ لَتَأْتِيَنَّ بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ مَنْ يَرَى اعْتِبَارَ الْعَدَدِ فِي الرِّوَايَةِ وَيَشْتَرِطُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنِ اثْنَيْنِ كَمَا فِي غَالب الشَّهَادَات وَهُوَ ضَعِيف كَمَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ قَبُولُ الْفَرْدِ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ وَطَلَبُ الْعَدَدِ فِي صُورَةٍ جُزْئِيَّةٍ لَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ لِجَوَازِ الْمَانِعِ الْخَاصِّ بِتِلْكَ الصُّورَةِ أَوْ وُجُودِ سَبَبٍ يَقْتَضِي التَّثَبُّتَ وَزِيَادَةَ الِاسْتِظْهَارِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا قِصَّةُ عُمَرَ مَعَ أَبِي مُوسَى فِي الِاسْتِئْذَانِ قُلْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهَا مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَبَسْطُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا هُنَاكَ وَيَأْتِي أَيْضًا فِي بَابِ إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَقَدْ صَرَّحَ عُمَرُ فِي قِصَّةِ أَبِي مُوسَى بِأَنَّهُ أَرَادَ الِاسْتِثْبَاتَ وَقَوْلُهُ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ أَصْرَحُ فِي وُجُوبِ الِانْفِصَالِ مَيِّتًا مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَضَى فِي الْجَنِينِ وَقَدْ شَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْغُرَّةِ انْفِصَالَ الْجَنِينِ مَيِّتًا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ فَلَوِ انْفَصَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَجَبَ فِيهِ الْقَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَلَوْ مَاتَتِ الْأُمُّ وَلَمْ يَنْفَصِلِ الْجَنِينُ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِ الْجَنِينِ وَعَلَى هَذَا هَلِ الْمُعْتَبَرُ نَفْسُ الِانْفِصَالِ أَوْ تَحَقُّقُ حُصُولِ الْجَنِينِ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا لَوْ قُدَّتْ نِصْفَيْنِ أَوْ شُقَّ بَطْنُهَا فَشُوهِدَ الْجَنِينُ وَأَمَّا إِذَا خَرَجَ رَأْسُ الْجَنِينِ مَثَلًا بعد مَا ضرب
الصفحة 251