كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

وَأَبُوهَا وَعَصَبَةُ أَبِيهَا عَصَبَتُهَا فَطَابَقَ لَفْظَ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ فِي الْبَابِ وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا وَبَيَّنَهُ لَفْظُ الْخَبَرِ الثَّانِي فِي الْبَابِ أَيْضًا وَقَضَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْوَالِدِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْقِصَّةِ وَقَوْلِهِ لَا عَلَى الْوَلَد قَالَ بن بَطَّالٍ يُرِيدُ أَنَّ وَلَدَ الْمَرْأَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَصَبَتِهَا لَا يَعْقِلُ عَنْهَا لِأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى الْعَصَبَةِ دُونَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَلِذَلِكَ لَا يَعْقِلُ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأُمِّ قَالَ وَمُقْتَضَى الْخَبَرِ أَنَّ مَنْ يَرِثُهَا لَا يَعْقِلُ عَنْهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَصَبَتِهَا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَين الْعلمَاء كَمَا قَالَه بن الْمُنْذِرِ قُلْتُ وَقَدْ ذَكَرْتُ قَبْلَ هَذَا أَنَّ فِي رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ فَقَالَ أَبُوهَا إِنَّمَا يَعْقِلُهَا بَنُوهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم الدِّيَة على الْعصبَة

(قَوْلُهُ بَابُ مَنِ اسْتَعَانَ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالنُّونِ وَلِلنَّسَفِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ اسْتَعَارَ بِالرَّاءِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَمُنَاسَبَةُ الْبَابِ لِلْكِتَابِ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ وَجَبَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ دِيَةُ الْحُرِّ قَوْلُهُ وَيُذْكَرُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ بَعَثَتْ إِلَى مُعَلِّمِ الْكُتَّابِ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ مُعَلِّمِ كُتَّابٍ بِالتَّنْكِيرِ قَوْلُهُ ابْعَثْ إِلَيَّ غِلْمَانًا يَنْفُشُونَ هُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ قَوْلُهُ صُوفًا وَلَا تَبْعَثْ إِلَيَّ حُرًّا كَذَا لِلْجُمْهُورِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْخَفِيفَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ ثَقِيلَةٌ وَذَكَرَهُ بن بَطَّالٍ بِلَفْظِ إِلَّا بِحَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ وَشَرَحَهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ عَكْسُ مَعْنَى رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعِهِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَن أم سَلمَة وَكَأَنَّهُ مُنْقَطع بَين بن الْمُنْكَدِرِ وَأُمِّ سَلَمَةَ لِذَلِكَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي خِدْمَتِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِالْتِمَاسِ أَبِي طَلْحَةَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجَابَتِهِ لَهُ وَأَبُو طَلْحَةَ كَانَ زَوْجَ أُمِّ أَنَسٍ وَعَنْ رَأْيِهَا فَعَلَ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا اشْتَرَطَتْ أُمُّ سَلَمَةَ الْحُرَّ لِأَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ مَنِ اسْتَعَانَ حُرًّا لَمْ يَبْلُغْ أَوْ عَبْدًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلَاهُ فَهَلَكَا مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَأَمَّا دِيَةُ الْحُرِّ فَهِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ قُلْتُ وَفِي الْفَرْقِ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ وَنَقَلَ بن التِّين مَا قَالَ بن بَطَّالٍ ثُمَّ نَقَلَ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُحْمَلُ فِعْلُ أُمِّ سَلَمَةَ عَلَى أَنَّهَا أُمُّهُمْ قَالَ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَنُقِلَ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهَا إِنَّمَا اشْتَرَطَتْ أَنْ لَا يَكُونَ حُرًّا لِأَنَّهَا أُمٌّ لَنَا فَمَالُنَا كَمَالِهَا وَعَبِيدُنَا كَعَبِيدِهَا وَأَمَّا أَوْلَادُنَا فَاجْتَبَتْهُمْ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ لَعَلَّ غَرَضُهَا مِنْ مَنْعِ بَعْثِ الْحُرِّ إِكْرَامُ الْحُرِّ وَإِيصَالُ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِهِ فِي ذَلِكَ لَا تَضْمَنُهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهَا لَوْ هَلَكَ بِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اسْتِخْدَامِ الْأَحْرَارِ وَأَوْلَادِ الْجِيرَانِ فِيمَا لَا كَبِيرَ مَشَقَّةٍ فِيهِ وَلَا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْوَصَايَا

[6911] قَوْله عَن عبد الْعَزِيز هُوَ بن صُهَيْبٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَنْسُوبًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا وَمُنَاسَبَةُ أَثَرِ أُمِّ سَلَمَةَ لِقِصَّةِ أَنَسٍ أَنَّ فِي كُلِّ مِنْهُمَا اسْتِخْدَامَ الصَّغِيرِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ

الصفحة 253