كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)
وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْعُرْفِ السَّائِغِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا خَصَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ الْعَبِيدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَرَى بِرِضَا السَّادَةِ بِاسْتِخْدَامِ عَبِيدِهِمْ فِي الْأَمْرِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا مَشَقَّةَ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَحْرَارِ فَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِمْ بِالْخِدْمَةِ كَمَا يُتَصَرَّفُ فِي الْعَبِيدِ وَأَمَّا قِصَّةُ أَنَسٍ فَإِنَّهُ كَانَ فِي كَفَالَةِ أُمِّهِ فَرَأَتْ لَهُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَنْ يَخْدُمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَحْصِيلِ النَّفْعِ الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ فَأَحْضَرَتْهُ وَكَانَ زَوْجُهَا مَعَهَا فَنَسَبَ الْإِحْضَارَ إِلَيْهَا تَارَةً وَإِلَيْهِ أُخْرَى وَهَذَا صَدَرَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَوَّلَ مَا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ حُسْنِ الْخُلُقِ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ وَاضِحًا وَكَانَتْ لِأَبِي طَلْحَةَ فِي إِحْضَارِ أَنَسٍ قِصَّةٌ أُخْرَى وَذَلِكَ عِنْدَ إِرَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ كَمَا أَوْضَحْتُ ذَلِكَ هُنَاكَ أَيْضًا وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ الْتَمِسْ لِي غُلَامًا يَخْرُجُ مَعِي فَأَحْضَرَ لَهُ أَنَسًا وَقَدْ بَيَّنْتُ وَجْهَ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ أَيْضًا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْخِدْمَةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْإِعَانَةِ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَمَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا كَذَا وَقَعَ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ وَهُوَ فِي الاثبات وَاضح واما النَّفْي فَقَالَ بن التِّينِ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَمْ يَلُمْهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ عَلَى شَيْءٍ فَعَلَهُ نَاقِصًا عَنْ إِرَادَتِهِ تَجَوُّزًا عَنْهُ وَحِلْمًا وَلَا لَامَهُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ لَمْ يَفْعَلْهُ خَشْيَةً مِنْ أَنَسٍ أَنْ يُخْطِئَ فِيهِ لَوْ فَعَلَهُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ هَذَا هَكَذَا لِأَنَّهُ كَمَا صَفَحَ عَنْهُ فِيمَا فَعَلَهُ نَاقِصًا عَنْ إِرَادَتِهِ صَفَحَ عَنْهُ فِيمَا لَمْ يَفْعَلْهُ خَشْيَةَ وُقُوعِ الْخَطَإِ مِنْهُ وَلَوْ فَعَلَهُ نَاقِصًا عَنْ إِرَادَتِهِ لَصَفَحَ عَنْهُ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَلَا يَخْفَى تكلفه وَقد أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق بن جريج قَالَ أَخْبرنِي إِسْمَاعِيل وَهُوَ بن إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ رَاوِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ بِلَفْظِ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ لِمَ لَمْ تَفْعَلْهُ وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الاصاغر فان بن علية مَشْهُور بالرواية عَن بن جريج فروى بن جريج هُنَا عَن تِلْمِيذه
(قَوْلُهُ بَابُ الْمَعْدِنِ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ)
كَذَا تَرْجَمَ بِبَعْضِ الْخَبَرِ وَأَفْرَدَ بَعْضُهُ بَعْدَهُ وَتَرْجَمَ فِي الزَّكَاةِ لِبَقِيَّتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِتَمَامِهِ وَبَدَأَ فِيهِ بِالْمَعْدِنِ وَثَنَّى بِالْبِئْرِ وَأَوْرَدَهُ هُنَا مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ قَالَ
[6912] حَدَّثَنِي بن شِهَابٍ وَهَذَا مِمَّا سَمِعَهُ اللَّيْثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ وَبِغَيْرِ وَاسِطَةٍ قَوْلُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ كَذَا جَمَعَهُمَا اللَّيْثُ وَوَافَقَهُ الْأَكْثَرُ وَاقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ رِوَايَة مَالك عَن بن شِهَابٍ فَقَالَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهَذَا قَدْ يُظَنُّ أَنَّهُ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلٌ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ مَوْصُولٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَة يُونُس بن يزِيد عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ الْمَحْفُوظ عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ وَلَيْسَ قَوْلُ يُونُسَ بِمَدْفُوعٍ قُلْتُ قَدْ تَابَعَهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي قَوْلِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ لَكِنْ قَالَ عَن بن عَبَّاسٍ بَدَلَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ وَهْمٌ مِنَ الرَّاوِي عَنْهُ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بن عَدِيٍّ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ وَحْدَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شَيْئًا مِنْهُ وَرَوَى بَعْضُ الضُّعَفَاءِ عَنْ
الصفحة 254